( 3 ) أخلد إلى الأرض : لصق بها أو انحط إليها ، والجملة بمعنى اختار الانحطاط على الارتفاع ، أو الشر على الخير ، أو الضلال على الهدى ، أو أعراض الدنيا وشهواتها .
وقد توهم جملة { ولو شئنا لرفعناه بها } أن الله سبحانه وتعالى هو الذي شاء للرجل عدم الارتفاع فأخلد إلى الأرض وغوي ، غير أن في الآية التي وردت فيها الجملة ما يزيل هذا الوهم حيث وصف الرجل بأنه رضخ لوسوسة الشيطان واتبع هواه وغوي وأنه من أجل ذلك ظالم لنفسه ولم يظلمه الله .
والوجه في تأويل العبارة على ما يتبادر لنا هو : أن الله قادر على رفعه بالآيات التي آتاه إياها ، ولكنه تركه لاختياره وقابليته التي أودعها فيه فساقه ذلك إلى ما هو متسق مع سجيته الفاسدة ونيته الخبيثة مما انطوى تقريره في آية سورة الإسراء هذه : { قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا84 } وقد أولها الزمخشري بأن الله أراد أن يقول : إن الرجل لو لزم العمل بالآيات ولم ينسلخ منها لرفعناه بها . وقد أولها السيد رشيد رضا : بأن الله لو أراد رفعه بها لخلق له الهداية وحمله عليها ولكنه لم يفعل ؛ لأنه مخالف لسنته . وقد أولها الطبرسي بأن الله يقول : لو شئنا لحلنا بينه وبين الانسلاخ فارتفع شأنه ولكنا تركناه لاختياره وقابليته . ولم نر في كتب المفسرين الأخرى التي بين أيدينا ما يتعارض مع هذه التأويلات التي فيها وجاهة وسداد أيضا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.