الآية 26 : وقوله تعالى : { قل الله أعلم بم لبثوا له غيب السماوات والأرض } هو ما ذكرنا أنه جعل علم مدة لبثهم إلى الله تعالى . وقوله تعالى : { له غيب السماوات والأرض } يحتمل وجوها ثلاثة :
أحدها : له علم ما غاب عن أهل السماوات وأهل الأرض كقوله : { عالم الغيب والشهادة } ( الأنعام : 73 ) .
والثاني : له علم ما غَيَّبَ ، وأَسَرَّ أهل السماوات والأرض بعضهم من بعض .
والثالث : له علم غيب ما شاهد{[11531]} أهل السماوات و أهل الأرض ، لأن في ( ما ){[11532]} شاهدوه من الأشياء ، وعاينوها ، غيبا وسرية لم يعلموه من نحو الشمس شاهدوها ، وعرفوا أنها شمس ، ولكن لم يعلموا ما فيها من المعنى الذي به صلاح الأشياء ومنافعها ، وكذلك القمر . وإنما شاهدوا هذه الأشياء ، ولكن لم يعرفوا المعنى الذي به ، صارت نافعة للأشياء{[11533]} .
وكذلك السمع والبصر والعقل ونحوها{[11534]} من الحواس عرفوا هذه الحواس على ظواهرها ، ولكن لا يعرفون المعنى الذي يستمعون ، ويبصرون ، ويفهمون ، فيقول : له علم ما غاب عنكم من هذه الأشياء التي شاهدتموها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أبصر به وأسمع } هذا كلام يتكلم عن النهاية والغاية والبلاغ{[11535]} من الوصف . ويقال : أكرم به من فلان إذا كان بلغ الكرم به غايته . وكذلك يقال : أحسن به من فلان إذا بلغ في الحسن غايته . ونحوه .
فعلى ذلك قوله : { أبصر به وأسمع } هو وصف له على النهاية كما يقال : ما أعلمه ، وما أبصره ، وما أكرمه ، وما أحسنه في العلم ، إنه يعلم ما غاب ( عن الخلق وما شاهدوا و{ أبصر به } من الأفعال التي يفعلون و{ أسمع } به من الأقوال التي يَتَفَوَّهُونَ ، أي يعلم ما غاب ){[11536]} عنهم مما لم يفعلوا ، ولم يقولوا : فالذي قالوه ، وفعلوه أحق أن يعلم . يحذرهم عز و جل عن أفعالهم ، والله الموفق .
وقوله تعالى : { ولا يشرك في حكمه أحدا } يحتمل : ولا يشرك في ألوهيته أحدا . ويحتمل : { ولا يشرك في حكمه أحدا } أي الحكم له ، ليس لأحد دونه حكم ، إنما عليهم طلب حكم الله في ما يحكمون . أو لا يشرك في تقديره وتدبيره الذي يدبر في خلقه أحدا . ويحتمل { ولا يشرك في } قسمته التي يَقْسِمُ بين الخلق أحدا { ولا يشرك في حكمه } أي في ما جاءت به الرسل ، ودعت الخلق إليه { أحدا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.