وقوله : { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ . . . }
والقّراء تقرأ " يَخَطِّفُ أَبْصاَرَهُمْ " بنصب الياء والخاء والتشديد . وبعضهم ينصب الياء ويخفض الخاء ويشدد الطاء فيقول : " يَخِطِّفُ " وبعضهم يكسر الياء والخاء ويشدّد فيقول : " يِخِطِّفُ " . وبعضٌ من قرَّاء أهل المدينة يسكِّن الخاء والطاء فيجمع بين ساكنين فيقول : " يَخْطِّف " .
فأما من قال : " يَخَطِّفُ " فإنه نقل إعراب التاء المدغمة إلى الخاء إذ كانت منجزمة . وأما من كسر الخاء فإنه طلب كسرة الألف التي في اختطف والاختطاف ؛ وقد قال فيه بعض النحويين : إنما كسرت الخاء لأنها سكنت وأُسكنت التاء بعدها فالتقى ساكنان فخفضتَ الأوّل ؛ كما قال : اضربِ الرجل ؛ فخفضتَ الباء لاستقبالها اللام . وليس الذي قالوا بشيء ؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا لقالت العرب في يَمُدّ : يَمِدّ ؛ لأن الميم [ كانت ] ساكنة وسكنت الأولى من الدالين . ولقالوا في يَعَضّ : يَعِضّ . وأما من خفض الياء والخاء فإنه أيضا مِن طَلَبِه كسرة الألف ؛ لأنها كانت في ابتداء الحرف مكسورة . وأما من جمع بين الساكنين فإنه كمن بنى على التبيان ؛ إلا أنه إدغام خفيّ . وفي قوله : { أَم مَّنْ لاَ يَهِدِّى إلاَّ أَنْ يُهْدَى } وفي قوله : { تَأخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } مثل ذلك التفسير * إلا أَن حمزة الزيات قد قرأ : " تَأخُذُهُمْ وَهُمْ يَخْصِمُونَ " بتسكين الخاء ، فهذا معنى سوى ذلك *
وقوله : { كُلَّما أَضَاء لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ . . . }
فيه لغتان : يقال : أضاء القمرُ ، وضاء القمرُ ؛ فمن قال ضاء القمرُ قال : يضوء ضَُوءا . والضّوء فيه لغتان : ضم الضاد وفتحها .
{ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ } فيه لغتان : أظلم الليل وظَلِم .
وقوله : { وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَْ بسمعهم . . . }
المعنى - والله أعلم - : ولو شاء الله لأذهب سمعهم . ومن شأن العرب أن تقول : أذهبت بصره ؛ بالألف إذا أسقطوا الباء . فإذا أظهروا الباء أسقطوا الألف من " أذهبت " . وقد قرأ بعض القرّاء : " يَكَادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهبُ بِالأَبْصَارِ " بضمّ الياء والباء في الكلام . وقرأ بعضهم : " وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيناء تُنْبِتُ بالدُّهْنِ " . فترى - والله أعلم - أن الذين ضمُّوا على معنى الألف شبَّهوا دخول الباء وخروجها من هذين الحرفين بقولهم : خذْ بالخطام ، وخُذِ الخطامَ ، وتعلَّقتُ بزيدٍ ، وتعلَّقتُ زيدا . فهو كثير في الكلام والشعر ، ولستُ أستحبُّ ذلك لقلَّته ، ومنه قوله : { آتِنا غَدَاءنا } المعنى - والله أعلم - آيتنا بغدائنا ؛ فلما أسقِطت الباء زادوا ألفا في فعلت ، ومنه قوله عزَّ وجلَّ : { قَالَ آتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } المعنى - فيما جاء- آيتوني بقِطر أُفرِغ عليه ، ومنه قوله : { فَأَجَاءها الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ } المعنى - والله أعلم - فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.