النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

قوله عز وجل : { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ } معناه يستلبها بسرعة .

{ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِم قَامُوا } وهذا مَثَلٌ ضربه الله تعالى للمنافقين ، وفيه تأويلان :

أحدهما : معناه كلما أضاء لهم الحق اتبعوه ، وإذا أظلم عليهم بالهوى تركوه .

والثاني : معناه كلما غنموا وأصابوا من الإسلام خيراً ، اتبعوا المسلمين ، وإذا أظلم عليهم فلم يصيبوا خيراً ، قعدوا عن الجهاد .

قوله عز وجل : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } فالمراد{[46]} الجمع وإن كان بلفظ الواحد . كما قال الشاعر :

كُلُوا في نِصْفِ{[47]} بَطْنِكُمُ تَعِيشُوا *** فَإِنَّ زَمَانَكُم زَمَنٌ خَمِيصُ


[46]:- أي ذكر سمع واحد والمراد أسماع.
[47]:- أي في أنصاف بطونكم.