جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

{ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ } : يأخذ بسرعة { أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم } : أضاء لازم أو متعد ، أي : أضاء لهم ممشى { مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ } وكذلك أظلم لازم أو متعد ، { قَامُواْ } : وقفوا ، { وَلَوْ شَاء اللّهُ } أن يذهب بسمعهم بقصيف الرعد وأبصارهم بوميض البرق { لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } فحذف المفعول لدلالة الجواب عليه ، { إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، فليحذروا شبّه {[41]} القرآن والإيمان بالصيب وما فيه من شبه المبطلين واعتراضاتهم بالظلمات وما فيه من الوعيد والأهوال وذكر النار والحساب بالرعد فيسد أذنه مع أنه لا خلاص عنها ويدل عليه قوله تعالى : ( والله محيط بالكافرين( واهتزازهم لما ظهر لهم من غنمية وراحة يطمح عليه أبصارهم بمشيهم في ضوء البرق وتحيرهم في الأمر وتوقفهم حين عروض شبهة أو بلاء ومحنة بتوقفهم إذا أظلم ثم ننبه بقوله : " ولو شاء الله لذهب " إلخ على أن السمع والبصر والتوسل إلى الفلاح وهم صرفوهما إلى الحظوظ العاجلة وسدوها عن الفوائد الحقيقية ولو شاء الله لجعلهم بالحالة التي يجعلونها فإنه قادر مطلق .


[41]:شبه القرآن إلخ الأولى والأمثل أ، يجعل التمثيلين من المركبة دون المفرقة فلا يتكلف لكل واحد شيء بقدر شبهه به فنقول في الأول حيرة المنافقين وشدة الأمر عليهم بما يكابده من إطفاء ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل الأليل، وفي الثاني شبه حالهم بحال من أخذته السماء بانتساج الممطر الهالك مع تكاثف ظلمة الليل والسحاب الأسود وتواتر الرعد القاصف والبرق الخاطف ووهم الصواعق الخارقة المحرقة في أثناء ذلك قلق واضطراب من خوف الهلاك متشبثين بما لا يدفع عنهم الموت كالغريق ولو قلت لا يطمئن قلبي إلا بأن يتكلف ويتكفل لكل واحد شيئا يقدر شبهه به فاستمع يمكن شبه القرآن ودين الإسلام بالصيب فإنه يحيي القلوب كالمطر يحيي الأرض بعد موتها إلى آخر ما في التفسير/12 وجيز