الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ} (1)

قوله : { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ } يجوزُ في هذا المصدرِ وجهان ، أحدهما : أَنْ يكونَ مضافاً لفاعله وذلك على تقديرين . أحدُ التقديرَيْن : أَنْ يكونَ مِنْ زلزل اللازمِ بمعنى تزَلْزَلَ فالتقدير : إنَّ تَزَلْزُلَ الساعةِ . والتقديرُ الثاني : أَنْ يكونَ مِنْ زَلْزَل المتعدِّي ، ويكون المفعولُ محذوفاً تقديرُه : إنَّ زِلْزالَ الساعةِ الناسَ . كذا قَدَّره أبو البقاء . وأحسنُ مِنْ هذا أن يُقَدَّرَ : إنَّ زِلْزالَ الساعةِ للأرض . يَدُلُّ عليه قولُه : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ } [ الزلزلة : 1 ] ونسبة التَّزَلْزُلِ أو الزلزال إلى الساعة على سبيل المجاز .

الوجه الثاني : أن يكونَ المصدرُ مضافاً الى المفعولِ به ، على طريقةِ الاتِّساع في الظرف كقوله :

طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ ***

وقد أوضح الزمخشريُّ ذلك بقولِه : " ولا تَخْلو الساعةُ من أَنْ تكونَ على تقديرِ الفاعلةِ لها ، كأنها هي التي تُزَلْزِلُ الأشياءَ ، على المجازِ الحُكْمي ، فتكونُ الزلزلة مصدراً مضافاً إلى فاعِله ، أو على تقديرِ/ المفعولِ فيها على طريقةِ الاتِّساعِ في الظرفِ ، وإجرائه مُجْرَى المفعولِ به ، كقولِه تعالى : { بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ } [ سبأ : 33 ] .