تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية .

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور .

{ كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ } أي : هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد ، وهو القرآن العظيم ، الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء ، على أشرف رسول بعثه الله في الأرض ، إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم{[15736]} .

{ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب ؛ لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد ، كما قال : { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } الآية[ البقرة : 257 ] ، وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }

[ الحديد : 9 ] .

وقوله : { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي : هو الهادي لمن قَدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم { إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ } أي : العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب ، بل هو القاهر لكل ما سواه ، " الحميد " أي : المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، وشرعه وأمره ونهيه ، الصادق في خبره .


[15736]:- في ت ، أ : "عربيهم وعجميهم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة إبراهيم وهي آياتها اثنتان وخمسون آية .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ آلر كتاب } أي هو كتاب . { أنزلناه إليك لتُخرج الناس } بدعائك إياهم إلى ما تضمنه . { من الظلمات } من أنواع الضلال . { إلى النور } إلى الهدى . { بإذن ربهم } بتوفيقه وتسهيله مستعار من الإذن الذي هو تسهيل الحجاب ، وهو صلة { لتخرج } أو حال من فاعله أو مفعوله . { إلى صراط العزيز الحميد } بدل من قوله : { إلى النور } بتكرير العامل أو استئناف على أنه جواب لمن يسأل عنه ، وإضافة الصراط إلى الله تعالى إما لأنه مقصده أو المظهر له وتخصيص الوصفين للتنبيه على أنه لا يذل سالكه ولا يخيب سابله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة إبراهيم

هذه السورة مكية إلا آيتين{[1]} ، وهي{[2]} قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين بدلوا } إلى آخر الآيتين ، ذكره مكي ، والنقاش .

تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور والاختلاف في ذلك .

و { كتاب } رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هذا كتاب ، وهذا على أكثر الأقوال في الحروف المقطعة ، وأما من قال فيها ، إنها كناية عن حروف المعجم ، ف { كتاب } مرتفع بقوله : { الر } أي هذه الحروف كتاب أنزلناه إليك{[6994]} وقوله : { أنزلناه } في موضع الصفة للكتاب .

قال القاضي ابن الطيب وأبو المعالي وغيرهما : إن الإنزال لم يتعلق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات ، لكن بالمعاني التي أفهمها الله تعالى جبريل عليه السلام من الكلام .

وقوله : { لتخرج } أسند الإخراج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث له فيه المشاركة بالدعاء والإنذار ، وحقيقته إنما هي لله تعالى بالاختراع والهداية . وفي هذه اللفظة تشريف للنبي عليه السلام .

وعم { الناس } إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق ، ثبت ذلك بآيات القرآن التي اقترن بها ما نقل تواتراً من دعوته العالم كله ، ومن بعثته إلى الأحمر والأسود علم الصحابة ذلك مشاهدة ، ونقل عنهم تواتراً ، فعلم قطعاً والحمد لله .

واستعير { الظلمات } للكفر ، و { النور } للإيمان ، تشبيهاً .

وقوله : { بإذن ربهم } ، أي بعلمه وقضائه به وتمكينه لهم . .

و { إلى } في قوله : { إلى صراط } بدل من الأولى في قوله : { إلى النور }{[6995]} أي إلى المحجة المؤدية إلى طاعة الله وللإيمان به ورحمته ، فأضافها إلى الله بهذه التعلقات .

و { العزيز الحميد } صفتان لائقتان بهذا الموضع ، فالعزة من حيث الإنزال للكتاب ، وما في ضمن ذلك من القدرة ، واستيجاب الحمد من جهة بث هذه النعم على العالم في نصب هدايتهم .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[6994]:جوز العلماء في إعراب [الرا] أن تكون في موضع رفع على أنها خبر مبتدأ محذوف تقديره: "هذه الرا"، وأن تكون في موضع نصب على تقدير: "الزم أو اقرأ الرا"، وتكون جملة {كتاب أنزلناه إليك} مفسرة.و يجوز في هذه الحالة أن يكون [كتاب] مبتدأ، وسوغ الابتداء به كونه موصوفا في التقدير، أي: كتاب عظيم أنزلناه إليك.
[6995]:لا يضر الفصل بين البدل و المبدل منه بقوله تعالى: {بإذن ربهم} لأنه معمول للعامل في المبدل منه و هو { لتخرج}.