{ الر } مر الكلامُ فيه وفي محله غيرَ مرة وقوله تعالى : { كِتَابٌ } خبرٌ له على تقدير كون الر مبتدأً أو لمبتدإ مضمرٍ على تقدير كونِه خبراً لمبتدأ محذوف ، أو مسروداً على نمط التعديد ، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً لهذا المبتدأ المحذوف ، وقوله تعالى : { أنزلناه إِلَيْكَ } صفةٌ له وقوله تعالى : { لِتُخْرِجَ الناس } متعلقٌ بأنزلناه أي لتخرجَهم كافةً بما في تضاعيفه من البينات الواضحة المفصحةِ عن كونه من عند الله عز وجل الكاشفةِ عن العقائد الحقةِ ، وقرئ ليخرِج الناسَ { مِنَ الظلمات } أي ليُخرج به الناسَ من عقائد الكفر والضلال التي كلُّها ظلماتٌ محضةٌ وجهالاتٌ صِرْفة { إِلَى النور } إلى الحق الذي هو نورٌ بحتٌ لكن لا كيفما كان ، فإنك لا تهدي من أحببت بل { بِإِذْنِ رَبّهِمْ } أي بتيسيره وتوفيقِه وللإنباء عن كون ذلك منوطاً بإقبالهم إلى الحق كما يفصح عنه قوله تعالى : { وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } [ الرعد ، الآية 27 ] استُعير له الإذنُ الذي هو عبارةٌ عن تسهيل الحجابِ لمن يقصِد الورودَ ، وأضيف إلى ضميرهم اسمُ الربِّ المفصحِ عن التربية التي هي عبارةٌ عن تبليغ الشيءِ إلى كماله المتوجّه إليه ، وشمولُ الإذن بهذا المعنى للكل واضحٌ وعليه يدور كونُ الإنزال لإخراجهم جميعاً . وعدمُ تحققِ الإذن بالفعل في بعضهم لعدم تحققِ شرطِه المستند إلى سوء اختيارِهم غيرُ مخلٍ بذلك والباء متعلقةٌ بتخرج أو بمضمر وقع حالاً من مفعوله أي ملتبسين بإذن ربِّهم ، وجعله حالاً من فاعله يأباه إضافةُ الربِّ إليهم لا إليه وحيث كان الحقُّ مع وضوحه في نفسه وإيضاحه لغيره موصلاً إلى الله عز وجل استُعير له النورُ تارة والصراطُ أخرى ، فقيل : { إلى صِرَاطِ العزيز الحميد } على وجه الإبدالِ بتكرير العامل كما في قوله تعالى : { لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } [ الأعراف ، الآية 75 ] وإخلالُ البدل والبيانِ بالاستعارة إنما هو في الحقيقة لا في المجاز كما في قوله سبحانه : { حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض مِنَ الخيط الأسود مِنَ الفجر } [ البقرة ، الآية 187 ] وقيل : هو استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال ، كأنه قيل : إلى أي نور ؟ فقيل : إلى صراط العزيز الحميد ، وإضافةُ الصراط إليه تعالى لأنه مقصِدُه أو المبينُ له ، وتخصيصُ الوصفين بالذكر للترغيب في سلوكه ببيان ما فيه من الأمن والعاقبةِ الحميدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.