لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

هي مكية سوى آيتين ، وهما قوله سبحانه وتعالى{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا } إلى آخر الآيتين وهي إحدى وقيل : اثنتان وخمسون آية وثمانمائة وإحدى وستون كلمة وثلاثة آلاف وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفا .

قوله عز وجل : { كتاب أنزلناه إليك } يعني هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد ، والكتاب هو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } يعني بهذا القرآن ، والمراد من الظلمات الكفر والضلالة والجهل ، والمراد بالنور : الإيمان . قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله : وفيه دليل على أن طرق الكفر والبدع كثيرة وطريق الحق ليس إلا واحداً لأنه تعالى قال : لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فعبر عن الجهل والكفر والضلال بالظلمات وهي صيغة جمع وعبر عن الإيمان والهدى بالنور وهو لفظ مفرد وذلك يدل على أن طرق الكفر والجهل كثيرة ، وأما طريق العلم والإيمان فليس إلا واحد { بإذن ربهم } يعني بأمر ربهم وقيل : بعلم ربهم { إلى صراط العزيز الحميد } يعني إلى دين الإسلام وهو دينه الذي أمر به عباده ، والعزيز هو الغالب الذي لا يغلب والحميد المحمود على كل حال المستحق لجميع المحامد .