تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة إبراهيم قيل : مكية

الآية 1 – قوله تعالى { الر كتاب } { الر } كناية عن حروف مقطعة ، جعلها بالحكمة كتابا { أنزلناه إليك } بعدما لم تكن تدري ، ما الكتاب ؟ وهو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } ( الشورى : 25 ) وقوله جل جلاله : { ولا تخطه بيمينك } ( العنكبوت : 48 ) .

[ وقوله تعالى ]{[9392]} : { لتخرج الناس } وما يضاف الإخراج إلى الله فإنه يكون بإعطاء الأسباب وحقيقة ما تكون به الأفعال ، وهي القدرة . وما يضاف الإخراج إلى الرسل فإنه لا يكون بإعطاء الأسباب لأنه لا يملك أحد سواه إعطاء ما به يكون الفعل .

ثم الأسباب تكون بوجهين :

أحدهما : الدعاء إلى ذلك .

والثاني : ما أتي به{[9393]} من البيان والحجة على ذلك ، فهو الأسباب التي يملك الرسل إتيانها . وأما ما به حقيقة الفعل فإنه لا يملكه{[9394]} إلا الله .

وقوله تعالى : { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } [ يحتمل وجهين :

أحدهما ]{[9395]} : من الكفر إلى الإيمان ؛ سمى الكفر ظلمات ، وهما{[9396]} واحد ، لأنه يستر جميع منافذ الجوارح من البصر والسمع واللسان ؛ يبصر ما لا يصلح ، ويسمع ما لا يصلح ، وكذلك جميع الجوارح .

والإيمان يرفع ، ويكشف جميع الحجب و الستور ، ويضيء{[9397]} له كل مستور .

والثاني{[9398]} : من الشبهات إلى النور إلى الإيمان والهدى .

وقوله تعالى : { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } الإخراج{[9399]} المضاف إلى الله هو{[9400]} الهداية ، يخرّج على وجوه أربعة :

أحدها : يأمرهم ، ويدعوهم إلى ما ذكر .

والثاني : يكشف ، ويبين .

والثالث : يرغب ، ويرهب ، حتى يرغبوا في المرغوب ، ويحذروا المرهوب ){[9401]} .

والرابع : يحقق{[9402]} ما تكون به الهداية ، وذلك لا يكون إلا بالله ، وهو التوفيق والعصمة .

وأما الوجوه الثلاثة الأول فإنها تكون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يأمر ، ويدعوا ، ويرغّب ، ويرهّب ، ويبيّن ، ويكشف ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم } [ يحتمل وجوها :

أحدها : ]{[9403]} كأنه قال : كتاب أنزلناه إليك لتأمر الناس بالخروج مما ذكر إلى ما ذكر .

والثاني : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج } به الناس مما ذكر { بإذن ربهم } قيل : بأمر ربهم . وقال قائلون : بعلم ربهم ؛ أي أنزل هذه الحروف المقطعة بعلمه .

والثالث : يحتمل بتوفيق ربهم . والإذن{[9404]} من الله يحتمل أحد الوجوه التي ذكرنا : الأمر ، والعلم ، والتوفيق .

وقوله/ 267 – أ/ تعالى : { إلى صراط العزيز الحميد } هو الله . أي يدعوهم إلى طريق الله الذي من سلكه نجا { العزيز الحميد } سماه{[9405]}عزيزا لأن كل عزيز ، به يعز ، ويقال : عزيز لأنه عزيز بذاته ، ليس بغيره كالخلائق ، أو العزيز ، هو الذي لا يطلب . والحميد ، هو الذي لا يلحقه الذم في فعله كالحكيم الذي لا يلحقه الخطأ في تدبيره .

وقال أهل التأويل : العزيز : المنيع ، والحميد ، هو الذي يقبل اليسير من العباد .


[9392]:ساقطة من الأصل وم.
[9393]:في الأصل وم: بهم.
[9394]:في الأصل وم: يملك.
[9395]:في الأصل وم: قيل.
[9396]:في الأصل: وم: وهو.
[9397]:من م، في الأصل وم: ومضيء.
[9398]:في الأصل وم: والثاني: قوله: {من الظلمات إلى النور} أي.
[9399]:من م، في الأصل: لإخراج.
[9400]:في الأصل وم: و.
[9401]:من م، في الأصل: المرغوب...
[9402]:من م، في الأصل: تحقيق.
[9403]:ساقطة من الأصل وم.
[9404]:ساقطة من الأصل وم.
[9405]:من م، في الأصل: الأذان.