سورة الحمد مكية في قول ابن عباس( {[1]} ) .
وقيل : بل هي مدنية . وهو قول مجاهد( {[2]} ) .
واستدل من قال : إنها مكية ، أن بمكة فرضت الصلوات بإجماع ، ومحال أن تفرض الصلوات( {[3]} ) ، ولا ينزل ما هو تمامها وبه قوامها( {[4]} ) . وهي سورة الحمد ، لقول النبي [ عليه السلام( {[5]} ) ]ن الخبر الثابت : " كُلُّ صَلاةٍ لا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ " . قالها ثلاثاً( {[6]} ) . والخَدْج( {[7]} ) النقص .
فغير جائز أن تفرض علينا الصلوات ، ولا ينزل ما يزيل( {[8]} ) عنها النقص . ويدل على ذلك أيضاً ما ذكر( {[9]} ) أهل التاريخ في حديث طويل لخديجة( {[10]} ) زوج النبي صلى الله عليه وسلم مع ورقة بن نوفل( {[11]} ) أن جبريل عليه السلام قال للنبي( {[12]} ) صلى الله عليه وسلم أول ما خاطبه( {[13]} ) بالوحي :
" قل : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قال له : قل : الحمد لله رب العالمين ، حتى انتهى إلى آخرها ، ثم قال له : قل آمين . فقالها( {[14]} ) النبي صلى الله عليه وسلم( {[15]} ) .
فهذا يدل على نزولها بمكة . وهو( {[16]} ) قول سعيد بن جبير( {[17]} ) أيضاً وعطاء( {[18]} ) .
وقال مجاهد : " نزلت الحمد بالمدينة( {[19]} ) " ، وقال : " لما نزلت رن إبليس اللعين( {[20]} ) " .
يريد رن من عظيم ثوابها وجلالة قدر ما( {[21]} ) خص الله به أمة صلى الله عليه وسلم من إنزالها على نبيهم صلى الله عليه وسلم .
وقد اختلف عن ابن/ عباس في نزولها ؛ فروي عنه بالمدينة ، وروي عنه بمكة . وحديث ورقة يدل( {[22]} ) على أنها أول ما نزل من القرآن .
وأكثر المفسرين على أن أول ما نزل من القرآن : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ )( {[23]} ) إلى قوله تعالى : ( مَا لَمْ يَعْلَمْ )( {[24]} )( {[25]} ) .
وقيل : أول ما نزل المدثر ، والله أعلم بأي ذلك كان .
وسورة الحمد تسمى فاتحة الكتاب( {[26]} ) لأن بها تستفتح الصلاة ، وتستفتح المصاحف ، وبها يستفتح المبتدئ بعد ختمه( {[27]} ) القرآن( {[28]} ) .
وتسمى أيضاً أم القرآن( {[29]} ) لأنها ابتداء القرآن ، وأم كل شيء ابتداؤه وأصله .
ولذلك قيل لمكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها( {[30]} ) .
وقيل : إنما سميت الحمد أم القرآن لتضمنها معاني القرآن مجملاً ، لأن فيها الثناء على الله جل ذكره( {[31]} ) ، والإقرار له بالربوبية وذكر يوم القيامة ، والإقرار له بالعبادة( {[32]} ) ، وأن المعونة من عنده ، والقدرة له . وفيها الدعاء والرغبة إليه في الهداية إلى الإسلام والثبات عليه . وفيها ذكر النبيين الذين أنعم الله عليهم بالهداية والإسلام . وفيها ذكر من غضب الله عليهم –وهم اليهود- ، وذكر من ضل عن الدين وهم النصارى ، وفيها من( {[33]} ) مفهوم الإشارة إلى أمور/ الديانة( {[34]} ) والقدرة والتذلل والخضوع لله والتسليم لأمره ، والرجوع إليه ما( {[35]} ) يكثر ذكره ويطول شرحه( {[36]} ) .
وكتاب الله كله إنما نزل( {[37]} ) ، في هذه المعاني التي ذكرنا أنها موجودة في الحمد .
لكن ذلك في الحمد مشار إليه( {[38]} ) مجمل يفهمه من وفقه الله وشرح له( {[39]} ) /صدره ، وهو كله مشروح مبين مكرر مبسوط في سائر القرآن ، فالحمد لله أصل مجمل وباقي القرآن مفسر لما أجمل في الحمد ، فهي على هذا المعنى أم القرآن ، أي أصله .
/وتسمى الحمد السبع المثاني ، وهو مروي عن النبي [ عليه السلام( {[40]} ) ] .
ومعناه( {[41]} ) السبع الآيات من المثاني( {[42]} ) أي من القرآن .
والمثاني هو القرآن ؛ يسمى بذلك ، لأن القصص تثنى فيه وتكرر للإفهام وتسمى الحمد أيضاً السبع المثاني ؛ سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة ، أي تعاد( {[43]} ) .
وقال ابن جبير عن ابن عباس : " إنما سميت الحمد السبع المثاني [ لأن الله ]( {[44]} ) استثناها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لم يعطها( {[45]} ) أحد قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم " .
وقد قيل : إن " مِنْ " زائدة ، في القول الأول فيكون معناه كمعنى هذا القول( {[46]} ) .
وعن النبي [ عليه السلام ] أنه قال لأُبَيِّ بن كعب( {[47]} ) : إنَّهَا السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ " ( {[48]} ) . فهي على هذا الحديث السبع المثاني وهي القرآن العظيم ، أي هي( {[49]} ) أصله على ما ذكرنا .
وروي( {[50]} ) عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم قسموا فصول القرآن إلى خمسة فصول : الأول : السبع الطوال . والثاني : المثين( {[51]} ) . والثالث : المثاني . والرابع : آل حميم . والخامس : المفصل .
وتفسير ذلك أن السبع الطوال من البقرة إلى براءة ، كانوا يرون براءة والأنفال سورة [ واحدة ، لأنهما نزلتا في مغازي( {[52]} ) ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لم يفصل بينهما في المصاحف ب " بسم( {[53]} ) الله الرحمن الرحيم " .
والسور( {[54]} ) التي تقرب من الطوال تسمى المثين( {[55]} ) ؛ وهي من يونس فما بعدها مما هو مائة آية فأكثر ، وما( {[56]} ) يقرب من المائة( {[57]} ) . والذي يلي المثين( {[58]} ) من السور /يسمى المثاني( {[59]} ) ، سميت بذلك لأنها ثانية للمثين( {[60]} ) .
فكأن المثين مبادئ( {[61]} ) وما يليها مثاني .
وقولهم : " آل حاميم( {[62]} ) " : يروى أن : حاميم( {[63]} ) اسم من أسماء/ الله جل ذكره أضيفت [ إليه هذه السور( {[64]} ) ] ، فكأنه في المعنى سور لله( {[65]} ) تعالى ذكره وهي ديباج القرآن( {[66]} ) .
وسمي ما بعد ذلك مفصلاً( {[67]} ) لكثرة فصوله( {[68]} ) ب " بسم( {[69]} ) الله الرحمن الرحيم( {[70]} ) .
وليست " بسم الله الرحمن الرحيم " بآية من الحمد عند أهل المدينة ، وأهل العراق( {[126]} ) .
ويدل على ذلك من الخبر الثابت الذي لا( {[127]} ) مدفع لأحد فيه أن أنساً( {[128]} ) قال( {[129]} ) :
" صليت خلف النبي صلى عليه السلام وخلف أبي بكر( {[130]} ) وخلف عمر( {[131]} ) ، فكلهم يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين( {[132]} ) " .
ومن الخبر الصحيح أن عائشة( {[133]} ) رضي الله عنها وأنساً( {[134]} ) قالا : " كان النبي [ عليه السلام ]( {[135]} ) يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين( {[136]} ) " .
وزاد فيه أنس : - " وأبو بكر وعمر وعثمان( {[137]} ) " ( {[138]} ) ، يعني في خلافتهم .
وقال جبير( {[139]} ) عن أنس : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فما سمعت أحداً منهم يقرأ في صلاته ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) " ( {[140]} ) .
/وجاء من الخبر الثابت الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب : " لأُعَلِمَنَّك سُورَةً [ ما أُنْزِلَ ]( {[141]} ) فِي التَّوْرَاةِ ولا فِي الإنْجِيلِ وَلاَ فِي الزَّبُورِ مثْلُهَا . فلمَّا دَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ المَسْجِدِ : قَالَ لَهُ أُبَيٌّ : يَا رَسُولَ الله [ السُّورَةُ ]( {[142]} ) التي تُعَلِمُنِي ؟ . قالَ : كَيْفَ تَقْرَأ أمِّ الكتابِ( {[143]} ) ؟ قلتُ : ( الحَمْدُ لِلهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ) حَتَّى خَتَمْتُها ، فَقَال( {[144]} ) صلى الله عليه وسلم : هيَ هَذِهِ( {[145]} ) ، وَهيَ السَّبْعُ المَثَاني وَالقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُ( {[146]} ) " .
ويدل على ذلك أيضاً ما لا مدفع لأحد فيه أن أهل المدينة بأسرهم/ نقلوا عن آبائهم التابعين عن الصحابة المرضيين استفتاح الصلاة بالحمد رب العالمين دون تسمية ؛ نقل كافة عن كافة لا يجوز عليهم الخطأ فيما نقلوه ولا التواطؤ على الكذب فيما رووه واستعملوه .
ويدل على ذلك أيضاً من الخبر الصحيح ما روى أبو هريرة( {[147]} ) أن النبي صلى الله عليه وسلم( {[148]} ) قال :
" يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : قَسَمْتُ الصَّلاَة( {[149]} ) بيْني وَبَينَ عَبْدِي( {[150]} ) شَطْرَيْنِ( {[151]} ) وَلِعَبْدِي مَا سَأَل " .
فَإذا قالَ الْعَبْدُ ( الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) . . الحديث( {[152]} ) " فلو كانت ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) آية من الحمد لابتدأ بها . وفي( {[153]} ) قوله : " قَسَمْتُ " وعَدُّه لآياتها( {[154]} ) ولم يذكرها دليل واضح على أن ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) ليست منها( {[155]} ) .
ويدل على ذلك أيضاً من طريق النظر الذي لا مدفع لأحد فيه أن القرآن لا يثبت بخبر الآحاد ، إنما يثبت بالإجماع( {[156]} ) ، أو ربما يقطع على مغيبه من أخبار التواتر( {[157]} ) . ولا إجماع نعلمه ولا تواتر نعقله في أن ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) آية من الحمد ، وإذا لم يصح/ إجماع ولا ثبت تواتر في أن ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) آية من الحمد( {[158]} ) لم ذلك إذ فيما ذكرناه( {[159]} ) لمن أنصف( {[160]} ) .
قال أبو محمد : نذكر في هذا الموضع جملة من علل النحويين في ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) ، ونستقصي إن شاء الله ذلك في سورة النمل إذ هي بعض آية( {[161]} ) هناك بإجماع .
فمن ذلك أن في كسر الباء قولين( {[162]} ) :
-أحدهما : إنها كسرت لتكون حركتها مشبهة لعملها( {[163]} ) .
القول الثاني( {[164]} ) : إنها كسرت ليفرق بين ما( {[165]} ) لا يكون( {[166]} ) إلا " [ حرفاً وبين ما ]( {[167]} ) قد يكون اسماً نحو الكاف ، وكذلك لام الجر .
وأصل الحروف التي تدخل للمعاني أن تكون مفتوحة لخفة الفتحة نحو حروف العطف وألف( {[168]} ) الاستفهام وشبهه .
ولكن خرجت( {[169]} ) الباء واللام عن الأصل للعلة التي ذكرنا .
وقيل : إنما( {[170]} ) كسرت لام الجر للفرق بينها( {[171]} ) ، وبين لام التأكيد في قولك : " إن هذا لزيد " إذا أردت أن/ المشار إليه هو زيد ، وإذا أردت أن المشار إليه فيلك زيد كسرت اللام .
ويدل على أن أصلها الفتح أنها تفتح مع المضمر( {[172]} ) إذ قد أمن اللبس لأن علامة المجرور خلاف علامة( {[173]} ) المرفوع . تقول : " هذا له وهذا لك " ، وأيضاً فإن الإضمار يرد( {[174]} ) الأشياء إلى أصولها . هذا أصل مجمع عليه في كلام العرب ، وسترى( {[175]} ) منه أشياء( {[176]} ) فيما بعد إن شاء الله .
ومن ذلك أن " اسما " فيه أربع( {[177]} ) لغات : " اسم " بكسر الألف وبضمها ، و " سِم( {[178]} ) " بضم السين وبكسرها . فَمن ضَم الألف في الابتداء جعله من " سما يسمو " إذا ارتفع " كدعا يدعو " . ومَن كسرها جعله من [ سَميَ يَسْمَى ]( {[179]} ) " كَرَضِيَ يَرْضَى " .
قال ابن كيسان( {[180]} ) : " يقال : " سموت وسميت كعلوت وعليت ، وأصله سُمْوٌ أو سِمْوٌ على [ وزن ]( {[181]} ) فُعْلٌ أو فِعْلٌ ، ثم حذفت الواو استخفافاً لكثرة( {[182]} ) الاستعمال( {[183]} ) .
فلما تغير آخره( {[184]} ) غير( {[185]} ) أوله بالسكون ، فاحتيج إلى ألف وصل ليوصل بها إلى النطق بالساكن وهو السين المغيرة إلى السكون " .
واختلف في كسر الألف المجتلبة( {[186]} ) . فقيل : اجتلبت ساكنة وبعدها ساكن فكسرت لالتقاء الساكنين .
وقيل : بل اجتلبت مكسورة ، وإنما ضمت( {[187]} ) إذا كان الثالث من الفعل مضموماً لاستثقال الخروج( {[188]} ) من كسر إلى ضم/ ، وضمت الألف إذا كان الثالث من الفعل مضموماً( {[189]} ) ليخرج الناطق من ضم إلى ضم ، نحو : " أُقْتل ، أُخْرج " ، فذلك أسهل من الخروج من كسر إلى ضم .
وقيل : بل أصلها السكون( {[190]} ) لكن لابد من حركتها إذ لا يبدأ بساكن فأتبعت ثالث الفعل ، فكسرت إذا كان الثالث مكسوراً نحو " إضرب( {[191]} ) " . وضمت إذا كان الثالث مضموماً نحو " أُقْتُل " . ولم تفتح إذا كان الثالث مفتوحاً لئلا تشبه( {[192]} ) ألف المتكلم فكسرت ، وكان( {[193]} ) الكسر أولى بها/ والثالث مفتوح لأن الخفض والنصب أخوان ، وذلك نحو : " اصنع " .
و " اسم " عند البصريين مشتق من السمو ؛ يدل على ذلك قولهم في التصغير " سمي( {[194]} ) " . فرجعت اللام المحذوفة إلى أصلها ، ورجعت السين إلى أصلها ، ورجعت السين إلى حركتها لأن التصغير والجمع يردان( {[195]} ) الأشياء إلى أصولها( {[196]} ) .
وقال( {[197]} ) الكوفيون : " هو مشتق من السمة وهي العلامة لأن صاحبه يعرف به ، وليس يسمو به ، كما ذكر البصريون أن اشتقاقه من السمو وهو العلو " .
قال أبو محمد : وقول( {[198]} ) الكوفيين( {[199]} ) قول يساعده( {[200]} ) المعنى ويبطله التصريف لأنهم يلزمهم أن يقولوا في التصغير " وُسَيْمٌ " ، لأن فاء الفعل واو محذوفة فيجب( {[201]} ) ردها في التصغير ، وذلك لا يقوله أحد . وقد شرحنا هذه المسألة بأشبه من هذا في غير هذا الكتاب( {[202]} ) .
/والباء من ( بِسْمِ اللَّهِ ) متعلقة بمحذوف . ذلك المحذوف خبر ابتداء( {[203]} ) مضمر قامت الباء وما اتصل بها مقامه ، وما بعدها في موضع رفع إذ سدت مسد الخير( {[204]} ) للابتداء( {[205]} ) المحذوف ، تقديره : " ابتدائي( {[206]} ) ثابت بسم الله " أو " مستقر بسم الله " ، ثم حذف( {[207]} ) الخبر وقامت الباء وما بعدها مقامه( {[208]} ) ، وهذا مذهب البصريين( {[209]} ) .
وقال الكوفيون : " الباء متعلقة بفعل محذوف ، وهي وما بعدها في موضع نصب بذلك الفعل " ، تقديره عندهم : " ابتدأت بسم الله " ( {[210]} ) .
والاسم هو المسمى عند أهل السنة . قال أبو/ عبيدة( {[211]} ) : " معنى باسم الله : بالله " ( {[212]} ) .
/ وقال : " اسم الشيء هو الشيء( {[213]} ) " .
ودل على ذلك قوله " ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ )( {[214]} ) أي سبح ربك( {[215]} ) ، أي نزه ربك .
واختلف النحويون في علة حذف الألف من الخط في ( بِسْمِ اللَّهِ ) ؛ فقال الكسائي( {[216]} ) والفراء : " حذفت لكثرة الاستعمال " ( {[217]} ) .
وقال الأخفش( {[218]} ) " حذفت لعدمها من اللفظ( {[219]} ) . ويلزمه ذلك في كل ألف وصل لأنها معدومة أبداً في اللفظ الوصل ، لكنه قال : " مع كثرة الاستعمال بجعل حذفها لاجتماع العلتين " .
وقيل [ بل( {[220]} ) ] حذفت لأن الباء دخلت على سين مكسورة أو مضمومة .
حكى ابن( {[221]} ) زيد أنه يقال : " سِمٌ( {[222]} ) " و " سُمٌ " ، ثم أسكنت السين إذ ليس( {[223]} ) في الكلام فعل على مذهب من ضم السين وأسكنت على مذهب مَن كسر السين استخفافاً .
وقيل( {[224]} ) : حذفت الألف للزوم الباء هذا الاسم في الابتداء ، فإن كتبت " بسم الرحمن " أو " بسم( {[225]} ) الخالق " و( اقْرَأْ( {[226]} ) بِاسْمِ رَبِّكَ )( {[227]} ) ، فالأخفش والكسائي يكتبان هذا وما أشبهه بغير ألف( {[228]} ) " كبسم الله( {[229]} ) " . والفراء( {[230]} ) يكتبه( {[231]} ) بألف إذ( {[232]} ) لم يكثر استعماله ، ككثرة استعمال " بسم الله " . ولا يحسن الحذف للألف من الخط عند جميعهم إلا مع الباء . لو قلت : " لاسم الله حلاوة " أو قلت : " ليس اسم كاسم الله " ، لم يجز( {[233]} ) حذف الألف مع غير الباء من حروف الجر ، إلا من قول مَن قال : " سِمُ( {[234]} ) " أو " سُمُ " فأما مَن قال " اسم " بألف في الابتداء بكسر الألف أو بضمها فلا يجوز حذف الألف من الخط مع غير الباء عند أحد من النحويين إذ لم يكثر استعماله .