الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحۡصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ ضَرۡبٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ يَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِيمَٰهُمۡ لَا يَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافٗاۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ} (273)

قوله : ( لِلْفُقَرَاءِ الذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ [ اللَّهِ ]( {[8906]} ) ) [ 272 ] .

اللام متعلقة بقوله : ( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ ) للفقراء الذين من حالهم وقصتهم – ( يُوَفَّ إِلَيْكُمْ )( {[8907]} ) . وعني به فقراء المهاجرين بالمدينة . ومعنى : ( أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) : منعوا أنفسهم من التصرف( {[8908]} ) وحبسوها على جهاد عدوهم . قاله قتادة وغيره( {[8909]} ) .

وقال ابن زيد : " كانت الأرض للعدو ، فلا يستطيعون تصرفاً فهم محصورون( {[8910]} ) " ( {[8911]} ) .

وقال السدي : " معناه : حصرهم المشركون بالمدينة( {[8912]} ) " ( {[8913]} ) .

( لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الاَرْضِ ) [ 272 ] .

أي تقلباً( {[8914]} ) ولا تصرفاً في المعاش والتجارات .

وقال ابن جبير : " نزلت في قوم أصابتهم جراحات في سبيل الله ، فصاروا زمنى من أجل عدوهم ، أو من أجل حرصهم على الجهاد والغزو .

قوله : ( يَحْسِبُهُمُ ) [ 272 ] . بكسر السين وفتحها لغتان( {[8915]} ) ، ونظيره " نَعِمَ " و " يَئِسَ " ، يأتي المستقبل بالفتح والكسر( {[8916]} ) .

وحكى أبو إسحاق أن( {[8917]} ) مثله عهد ، يقال : يَعْهِدُ وَيَعْهَدُ( {[8918]} ) .

ومعنى ( يَحْسِبُهُمُ الجَاهِلُ ) .

أي الجاهل بأمرهم وحالهم ، أغنياء من تعففهم عن المسألة والتعرض لها( {[8919]} ) .

تعرفهم يا محمد بعلاماتهم( {[8920]} ) وهي السيماء وهي أثر السجود .

وقيل : هي الخشوع والتواضع . قاله مجاهد( {[8921]} ) .

وقيل : هي أثر الفاقة والحاجة . قاله السدي( {[8922]} ) .

وقال ابن زيد : " هي رثاثة ثيابهم ، / لأن الجوع خفي " ( {[8923]} ) .

ومن العرب من يمد السيماء ، ومنهم من يقول سيماء بالمد وزيادة ياء( {[8924]} ) بعد الميم .

قوله : ( لاَ يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ) [ 272 ] .

أي( {[8925]} ) إلحاحاً ، أي لا يشملون الناس بالسؤال( {[8926]} ) ، ومنه اللحاف( {[8927]} ) .

والمعنى : لا يكون منهم سؤال فيكون إلحافاً( {[8928]} ) .

وهو كقول امرئ القيس( {[8929]} ) :

" عَلَى لاَحِبٍ( {[8930]} ) لاَ يَهْتَدِي لِمَنَارِهِ( {[8931]} ) " ( {[8932]} ) .

أي ليس فيه منار فيهتدي به( {[8933]} ) .

ويقال : قد ألحف السائل إذا( {[8934]} ) ألح( {[8935]} ) .

ويقال : " أَلْحَفَ الرجل " و " أَلَحَّ " و " أَحْفَى " ( {[8936]} ) ، بمعنى واحد( {[8937]} ) .


[8906]:- سقط لفظ الجلالة "الله" من ع1.
[8907]:- انظر هذا التوجيه في: مشكل الإعراب: 1/142، والبيان: 1/179، والإملاء: 1/116.
[8908]:- سقط قوله: "من التصرف" من ع3.
[8909]:- انظر: جامع البيان: 5/592، وتفسير القرطبي: 3/340.
[8910]:- في ع2، ح، ق: محصرون.
[8911]:- انظر: جامع البيان: 5/592، وتفسير القرطبي: 3/340.
[8912]:- في ع2، ع3: في المدينة.
[8913]:- انظر: جامع البيان: 5/591، وتفسير القرطبي: 3/339.
[8914]:- سقط من ع3.
[8915]:- قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بالفتح. وقرأها باقي السبعة بالكسر. انظر: كتاب السبعة: 191، والتبصرة: 165، والكشف: 1/317-318، والتيسير: 84، وكتاب العنوان: 76، والحجة: 148، والنشر: 2/236، وتحبير التيسير: 94.
[8916]:- انظر هذا التوجيه في: الكشف: 1/318، والحجة: 148.
[8917]:- سقط من ع2، ع3.
[8918]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/339.
[8919]:- انظر هذا المعنى في: تفسير الغريب: 98، وجامع البيان: 5/593.
[8920]:- في ع2: بعلامتهم.
[8921]:- انظر: جامع البيان: 5/596، وأحكام ابن العربي: 1/238، والمحرر الوجيز: 3/339.
[8922]:- المصدر السابق.
[8923]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/339، وتفسير القرطبي: 3/341-342، والدر المنثور: 2/90.
[8924]:- سقط من ع2.
[8925]:- سقط من ق.
[8926]:- في ع2: بالسؤل.
[8927]:- انظر هذا التوجيه في: تفسير الغريب: 98، وتفسير القرطبي: 3/342، واللسان: 3/350.
[8928]:- في ق: إلحاف وهو خطأ. وانظر هذا المعنى في: تفسير القرطبي: 3/342. وقد عزاه ابن منظور في اللسان: 3/350 إلى الزجاج.
[8929]:- هو جندح بن حجر بن الحارث الكندي، وامرؤ القيس لقبه، وبه اشتهر. يماني الأصل، شاعر مبرز مشهور. (ت80ق. هـ). انظر: الأعلام: 2/11، ومعجم المؤلفين: 2/320.
[8930]:- واللاحب: الطريق الواضح. انظر: اللسان: 3/346.
[8931]:- في ع2: بمناره.
[8932]:- انظر: اللسان: 3/350.
[8933]:- انظر: اللسان: 3/350.
[8934]:- في ع2: إذ.
[8935]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/340، واللسان: 3/350.
[8936]:- في ق: أخفى. وهو تصحيف.
[8937]:- انظر: تفسير القرطبي: 3/342.