الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فِيٓ أَيِّ صُورَةٖ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} (8)

و ( في ) متعلقة ب ( ركبك ) {[74154]} ، ولا يحسن أن تتعلق ب ( عدلك ) {[74155]} لأنك إنما تقول : عدلت {[74156]} إلى كذا ولا تقول {[74157]} عدلته {[74158]} في كذا {[74159]} .

وقد غلط الفراء فمنع قراءة التخفيف واستبعدها لإتيان ( في ) بعد ( عدلك ) ـ فظن ( في ) متعلقة ب ( عدلك ) {[74160]} ، وليست كما ظن {[74161]} .

وقد قيل : إن القراءة بالتشديد هي ممن هذا المعنى على التكثير {[74162]} ، أي صرفك مرة بعد مرة إلى أي صورة شاء .

وقيل : معنى التخفيف : ( أمالك إلى ) {[74163]} ما شاء {[74164]} من حسن وقبح وصحة وسقم {[74165]} .

وقال مجاهد : ( ( في أي صورة ) {[74166]} ما شاء ركبك ) معناه : في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم {[74167]} شاء خلقك {[74168]} .

وقال أبو صالح " معناه : إن شاء في صورة كلب أو خنزير أو حمار {[74169]} . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن النطفة إذا استقرت في الرحم أمحضرها {[74170]} الله كل نسب بينها وبين آدم ، أما قرأت {[74171]} في ( في أي صورة ما شاء ركبك ) {[74172]} ؟ .

والتقدير في الكلام : في أي صورة ما شاء أن يركبك ( ركبك ) {[74173]} .

وفي حديث آخر أنه قال : " إن الله –جل وعز- إذا أراد أن يخلق النسمة فجامع الرجل المرأة ، طار ماؤه في كل عرق منها ، ثم أحضر له آباءه {[74174]} من لدن آدم ، ثم صوره في صورة واحد [ منهم ، فذلك قوله ] {[74175]} : ( في أي صورة ما شاء ركبك ) " {[74176]} .


[74154]:ث: بربك.
[74155]:أ: بفعدلك.
[74156]:أ: عدلك.
[74157]:ث: يقول.
[74158]:ث: عدالته.
[74159]:انظر: تفسير القرطبي19/247.
[74160]:ث: بفعدلك.
[74161]:ليس في معاني الفراء3/244 ما يدل على أنه يمنع قراءة التخفيف، وإنما قال عن التشديد: "هو أعجب الوجهين إليَّ، وأجودهما في العربية". وأما ما نقل مكي من دليل الفَراء على اختياره فهو كذلك في معانيه3/244، ثم إن النفس لتطمئن إلى ما رد به مكي على الفراء وذلك لتمام الكلام بالوقف على (فَعَدَّلَكَ) كما قال النحاس في إعرابه5/169.
[74162]:ث: الكثير.
[74163]:ث: ام الدال.
[74164]:(إلى ما شاء) ساقط من أ.
[74165]:انظر: البحر8/437.
[74166]:ساقط من أ.
[74167]:أ: أو عم أو خال.
[74168]:انظر: جامع البيان30/87.
[74169]:انظر: المصدر السابق حيث أخرجه أيضاً عن السدي وعكرمة بنحوه.
[74170]:أ: احضر. وكذا هي في جامع البيان30/87.
[74171]:أ: قراءة.
[74172]:هو جزء من حديث أخرجه الطبري في جامع البيان30/87 وفيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم سَأَلَ أَحَدَ الصَّحَابَةِ: مَا وُلِدَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَا عَسَى أَنْ يُولَدَ لِي، إِمَّا غُلاَمٌ، وَإِمَّا جَارِيَةٌ، قَالَ: فَمَنْ يُشْبِهُ؟ قال يَا رَسُولَ الله، مَنْ عَسَى أَنْ يُشْبِهَ؟ إَمَّا أَبَاهُ، وإما أُمَّهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها: مَهْ لا تَقُولَنَّ هَكَذَا، إِنَّ النطْفَةَ... الحديث. وفي آخره: "قال: سلكك". ولفظه في تفسير ابن كثير4/514: "قال شكلك". وقد أورده ابن كثير أيضاً من رواية ابن أبي حاتم والطبراني ثم قال: "وهذا الحديث لو صح لكان فيصلاً في هذه الآية، ولكن إسناده ليس بالثابت، لأن مطهر بن الهيثم –رجل من السند- قال فيه أبو سعيد بن يونس: كان متروك الحديث".
[74173]:ساقط من ث.
[74174]:ث: أبواه.
[74175]:ساقط من م.
[74176]:أورده السيوطي بنحوه في الدر8/439 من رواية الحكيم الترمذي والطبراني وابن مردويه بسند جيد والبيهقي في الأسماء والصفات عن مالك بن الحويرث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ النَّسْمَةَ فجامع الرجل المرأة طَارَ مَاؤُهُ في كل عَرْقٍ وعَصَبٍ منها فإِذَا اليومُ السابع أَحْضَرَ اللهُ كُلَّ عَرْقٍ بَيْنَهُ وبين آدم ثم قرأ (في أي صورة ما شاء ركبك).