قوله تعالى : { فَلمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ } وهو جمع جند ، والأجناد للقليل ، وقيل : إنهم كانوا ثمانين ألف مقاتل .
{ قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُم بِنَهْرٍ } اختلفوا في النهر ، فَحُكِيَ عن ابن عباس والربيع أنه نهر بين الأردن وفلسطين ، وقيل إنه نهر فلسطين ، قال وهب بن منبه : السبب الذي ابتلوا لأجله بالنهر ، شِكَايَتُهم قِلةَ الماء وخوف العطش .
{ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيسَ مِنِّي } أي [ ليس ] من أهل ولايتي .
{ ومَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَن اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } قرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو بالفتح ، وقرأ الباقون " غرفة " بالضم ، والفرق بينهما أن الغرفة بالضم اسم للماء المشروب ، والغرفة بالفتح اسم للفعل .
{ فَشَرِبُوا مِنهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنهُم } قال عكرمة : جاز [ معه النهر ] أربعة آلاف ، ونافق ستة وسبعون ألفاً ، فكان داود ممن خلص لله تعالى . قال ابن عباس : إن من استكثر منه عَطِش ، ومن اغترف غرفة منه رُوِيَ .
{ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ } قيل : كان المؤمنون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً عدة أهل بدر . واختلفوا ، هل تجاوزه معهم كافر أم لا ؟ فَحُكِيَ عن البراء ، والحسن ، وقتادة : أنه ما تجاوزه إلا مؤمن ، وقال ابن عباس ، والسدي : تجاوزه الكافرون ، إلا أنهم انخذلوا عن المؤمنين .
{ قَالُوا : لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ } اختلفوا في تأويل ذلك على قولين :
أحدهما : أنه قال ذلك مَنْ قلّت بصيرته من المؤمنين ، وهو قول الحسن ، وقتادة ، وابن زيد .
والثاني : أنهم أهل الكفر الذين انخذلوا ، وهو قول ابن عباس ، والسدي ، قال عكرمة : فنافق الأربعة الآلاف إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدة أهل بدر ، وداود فيهم .
{ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ اللهِ } وهم المؤمنون الباقون من الأربعة الآلاف .
أحدهما : أنه بمعنى اليقين ، ومعناه الذين يستيقنون أنهم ملاقو الله كما قال دريد بن الصُّمّة :
فقلت لهم ظُنّوا بِأَلْفَيْ مُدَجج *** سَراتُهُمُ في الفارسيّ المسَرّدِ{[395]}
والثاني : بمعنى الذين يظنون أنهم ملاقو الله بالقتل في تلك الوقعة .
{ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً } والفئة : الفرقة { بِإِذْنِ اللهِ } قال الحسن : بنصر الله ، وذلك لأن الله إذا أذن في القتال نصر فيه على الوجه الذي وقع الإِذن فيه . { وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } يعني بالنصرة والمعونة ، وهذا تفسير الآية عند جمهور المفسرين .
وذكر بعض من يتعاطى غوامض المعاني ، أن هذه الآية مَثَلٌ ضَرَبَهُ الله للدنيا يشبهها بالنهر ، والشارب منه بالمائل إليها والمستكثر منها ، والتارك لشربه بالمنحرف عنها والزاهد فيها ، والمغترف منه غرفة بيده بالآخذ منها قدر حاجته ، وأحوال الثلاثة عند الله مختلفة{[396]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.