قوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } وإنما قدم ذكر الزانية على الزاني لأمرين :
أحدهما : أن الزنى منها أعَرُّ ، وهو لأجل الحَبَل أضر .
الثاني : أن الشهوة فيها أكثر وعليها أغلب . وقدر الحد فيه بمائة جلدة من الحرية والبكارة وهو أكثر حدود الجلد لأن فعل الزنى أغلظ من القذف بالزنى ، وزادت السنة على الجلد بتغريب عام بعده لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مَائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ " ومنع العراقيون من التغريب اقتصاراً على الجلد وحده ، وفيه دفع السنة والأثر .
والجلد مأخوذ من وصول الضرب إلى الجلد فأما المحصنان فحدهما الرجم بالسنة إما بياناً لقوله تعالى في سورة النساء :
{ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }
[ النساء : 15 ] على قول فريق ، وإما ابتداء فرض على قول آخرين . وروى زر بن حبيش عن أُبَيٍّ أن في مصحفه من سورة الأحزاب ذكر الرجم : " إِذَا زَنَى الشَّيخُ وَالشَّيخَةُ فَارْجُمَوهُمَا البَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .
{ وَلاَ تأخذكم بِهِمَا رأفة فِي دِينِ اللَّهِ } أي في طاعة الله . وقد يعبر بالدين عن الطاعة .
{ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أي إن كنتم تقيمون طاعة الله قيام من يؤمن بالله واليوم الآخر . والرأفة الرحمة ولم ينه عنها لأن الله هو الذي يوقعها في القلوب وإنما نهى عما تدعو الرحمة إليه ، وفيه قولان :
أحدهما : أن تدعوه الرحمة إلى إسقاط الحد حتى لا يقام ، قاله عكرمة .
الثاني : أن تدعوه الرحمة إلى تخفيف الضرب حتى لا يؤلم ، قاله قتادة ، واستنبط هذا المعنى الجنيد فقال : الشفقة على المخالفين كالإِعراض عن المواقعين . { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا } يعني بالعذاب الحد يشهده عند الإِقامة طائفة من المؤمنين ، ليكونوا زيادة في نكاله وبينة على إقامة حده . واختلف في عددهم على أربعة أقاويل :
أحدها : أربعة فصاعداً ، قاله مالك والشافعي .
الثاني : ثلاثة فصاعداً ، قاله الزهري .
الثالث : اثنان فصاعداً ، قال عكرمة .
الرابع : واحد فصاعداً ، قاله الحسن وإبراهيم .
ولما شرط الله إيمان من يشهد عذابهما قال بعض أصحاب الخواطر : لا يشهد مواضع التأديب إلا من لا يستحق التأديب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.