المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

33- والْزَمْنَ بيوتكن لا تخرجن إلا لحاجة شرع الله الخروج لقضائها ، ولا تُظْهرن محاسنكن وزينتكن للرجال إذا خرجتن . كما كانت تفعل أهل الجهالة الأولى ، وأدين الصلاة كاملة ، وأعطين الزكاة ، وامتثلن أمر الله ورسوله . إنما يريد الله - بكل ما يأمركن به وينهاكن عنه - الشرف والكرامة . ليذهب عنكم الإثم والمعصية - يا أهل بيت النبي - ويطهركم تطهيرا لا يخالطه شبهة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن } قرأ أهل المدينة وعاصم : وقرن بفتح القاف ، وقرأ الآخرون بكسرها ، فمن فتح القاف فمعناه ، اقررن أي : الزمن بيوتكن ، من قولهم : قررت بالمكان أقر قراراً ، يقال : قررت أقر وقررت أقر ، وهما لغتان ، فحذفت الراء الأولى التي هي عين الفعل لثقل التضعيف ونقلت حركتها إلى القاف كقولهم : في ظللت ظلت ، قال الله تعالى : { فظلتم تفكهون } { وظلت عليه عاكفا } ومن كسر القاف فقد قيل : هو من قررت أقر ، معناه اقررن بكسر الراء ، فحذفت الأولى ونقلت حركتها إلى القاف كما ذكرنا ، وقيل : هو الأصح أنه أمر من الوقار ، كقولهم من الوعد : عدن ، ومن الوصل : صلن ، أي : كن أهل وقار وسكون ، من قولهم وقر فلان يقر وقوراً إذا سكن واطمأن . { ولا تبرجن } قال مجاهد وقتادة : التبرج هو التكسر والتغنج ، وقال ابن أبي نجيح : هو التبختر . وقيل : هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال ، { تبرج الجاهلية الأولى } . اختلفوا في الجاهلية الأولى . قال الشعبي : هي ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم . وقال أبو العالية : هي في زمن داود وسليمان عليهما السلام ، كانت المرأة تلبس قميصاً من الدر غير مخيط من الجانبين فيرى خلقها فيه . وقال الكلبي : كان ذلك في زمن نمرود الجبار ، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال . وروى عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الجاهلية الأولى بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة ، وأن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة ، وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة ، وأن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل وأجر نفسه منه ، فكان يخدمه واتخذ شيئاً مثل الذي يزمر به الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله ، فبلغ ذلك من حولهم فأتوهم يستمعون إليه ، فاتخذوا عيداً يجتمعون إليه فيه في السنة ، فتتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال لهن ، وأن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم فظهرت الفاحشة فيهم ، فذلك قوله تعالى : { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وقال قتادة : هي ما قبل الإسلام . وقيل : الجاهلية الأولى : ما ذكرنا ، والجاهلية الأخرى : قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان . وقيل : قد تذكر الأولى وإن لم يكن لها أخرى ، كقوله تعالى : { وأنه أهلك عاداً الأولى } ولم يكن لها أخرى . قوله عز وجل : { وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } أراد بالرجس : الإثم الذي نهى الله النساء عنه ، قاله مقاتل : وقال ابن عباس : يعني : عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا ، وقال قتادة : يعني : السوء . وقال مجاهد : الرجس الشك . وأراد بأهل البيت : نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته ، وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وتلا قوله : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله } وهو قول عكرمة ومقاتل . وذهب أبو سعيد الخدري ، وجماعة من التابعين ، منهم مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما : إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين .

حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري ، أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعدي ، أنبأنا أبو همام الوليد بن شجاع ، أنبأنا يحيى بن زكريا بن زائدة ، أنبأنا أبي عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة الحجبية ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه ، ثم جاء حسن فأدخله فيه ، ثم جاء حسين فأدخله فيه ، ثم قال : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } .

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الحميدي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأنا الحسن بن مكرم ، أنبأنا عثمان بن عمر ، أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن شريك بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أم سلمة قالت : " في بيتي نزلت : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت } قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فقال : هؤلاء أهل بيتي ، قالت : فقلت يا رسول الله أما أنا من أهل البيت ؟ قال : بلى إن شاء الله " . قال زيد بن أرقم : أهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده ، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي : اقررن فيها ، لأنه أسلم وأحفظ لَكُنَّ ، { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } أي : لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات ، كعادة أهل الجاهلية الأولى ، الذين لا علم عندهم ولا دين ، فكل هذا دفع للشر وأسبابه .

ولما أمرهن بالتقوى عمومًا ، وبجزئيات من التقوى ، نص عليها [ لحاجة ]{[704]}  النساء إليها ، كذلك أمرهن بالطاعة ، خصوصًا الصلاة والزكاة ، اللتان يحتاجهما ، ويضطر إليهما كل أحد ، وهما أكبر العبادات ، وأجل الطاعات ، وفي الصلاة ، الإخلاص للمعبود ، وفي الزكاة ، الإحسان إلى العبيد .

ثم أمرهن بالطاعة عمومًا ، فقال : { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يدخل في طاعة اللّه ورسوله ، كل أمر ، أمرَا به أمر إيجاب ، أو استحباب .

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ } بأمركن بما أَمَرَكُنَّ به ، ونهيكن بما{[705]}  نهاكُنَّ عنه ، { لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ } أي : الأذى ، والشر ، والخبث ، يا { أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } حتى تكونوا طاهرين مطهرين .

أي : فاحمدوا ربكم ، واشكروه على هذه الأوامر والنواهي ، التي أخبركم بمصلحتها ، وأنها محض مصلحتكم ، لم يرد اللّه أن يجعل عليكم بذلك حرجًا ولا مشقة ، بل لتتزكى نفوسكم ، ولتتطهر أخلاقكم ، وتحسن أعمالكم ، ويعظم بذلك أجركم .


[704]:- زيادة من: ب.
[705]:- في ب: عما.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

وقوله : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي : الزمن بيوتكن فلا{[23382]} تخرجن لغير حاجة . ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن وهن تَفِلات " وفي رواية : " وبيوتهن خير لهن " {[23383]}

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا حميد بن مَسْعَدة{[23384]} حدثنا أبو رجاء الكلبي ، روح بن المسيب ثقة ، حدثنا ثابت البناني{[23385]} عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : جئن النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ، ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى ، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قعد - أو كلمة نحوها - منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين{[23386]} في سبيل الله " .

ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح بن المسيب ، وهو رجل من أهل البصرة مشهور{[23387]} .

وقال{[23388]} البزار أيضا : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن مُوَرِّق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون{[23389]} بروْحَة ربها وهي في قَعْر بيتها " .

ورواه الترمذي ، عن بُنْدَار ، عن عمرو بن عاصم ، به نحوه{[23390]}

وروى البزار بإسناده المتقدم ، وأبو داود أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة المرأة في مَخْدعِها أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها " {[23391]} وهذا إسناد{[23392]} جيد .

وقوله تعالى : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية .

وقال قتادة : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } يقول : إذا خرجتن من بيوتكن - وكانت لهن{[23393]} مشية وتكسر وتغنُّج - فنهى الله عن ذلك .

وقال مقاتل بن حيان : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } والتبرج : أنها تلقي الخمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ، ويبدو ذلك كله منها ، وذلك التبرج ، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج . وقال ابن جرير : حدثني ابن زهير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا داود - يعني ابن أبي الفرات - حدثنا علي بن أحمر ، عن عِكْرِمة{[23394]} عن ابن عباس قال : تلا هذه الآية : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } . قال : كانت فيما بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة ، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبل . وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دَمَامة . وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة ، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام ، فآجر نفسه منه ، فكان يخدمه واتخذ إبليس شيئًا مثل الذي يُزَمّر فيه الرِّعاء ، فجاء فيه بصوت لم يسمَع الناس مثله ، فبلغ ذلك من حوله ، فانتابوهم يسمعون إليه ، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة ، فيتبرَّجُ النساء للرجال . قال : ويتزيَّن{[23395]} الرجال لهن ، وإن رجلا من أهل الجبل هَجَم عليهم في عيدهم ذلك ، فرأى النساء وصَبَاحتهن ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك ، فتحولوا إليهن ، فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة فيهن ، فهو قوله تعالى : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى }{[23396]} .

وقوله : { وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، نهاهن أولا عن الشر ثم أمرهن بالخير ، من إقامة الصلاة - وهي : عبادة الله ، وحده لا شريك له - وإيتاء الزكاة ، وهي : الإحسان إلى المخلوقين ، { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، وهذا من باب عطف العام على الخاص . وقوله : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } : وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت هاهنا ؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا ، إما وحده على قول ، أو مع غيره على الصحيح .

وروى ابن جرير : عن عِكْرِمة أنه كان ينادي في السوق : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ، نزلت{[23397]} في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهكذا روى ابن أبي حاتم قال :

حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا زيد بن الْحُبَاب ، حدثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة عن{[23398]} ابن عباس في قوله : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .

فإن كان المراد أنهن كُنّ سبب النزول دون غيرهن فصحيح ، وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ، ففي هذا نظر ؛ فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك :

الحديث الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أخبرنا علي بن زيد{[23399]} ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : " الصلاة يا أهل البيت ، { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } .

ورواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن عفان به . وقال : حسن غريب{[23400]} . {[23401]}

حديث آخر : قال ابن جرير : حدثنا ابن وَكِيع ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ]{[23402]} إذا طلع الفجر ، جاء إلى باب علي وفاطمة فقال : " الصلاة الصلاة { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }{[23403]} .

أبو داود الأعمى هو : نفيع بن الحارث ، كذاب .

حديث آخر : وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا شداد أبو عمار{[23404]} قال : دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم ، فذكروا عليًّا ، رضي الله عنه ، فلما قاموا قال لي : ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى . قال : أتيت فاطمة أسألها عن علي فقالت : تَوَجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه علي وحسن وحسين ، آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل ، فأدنى عليًّا وفاطمة وأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسنًا وحسينًا كل واحد منهما على فخذه ، ثم لفَّ عليهم{[23405]} ثوبه - أو قال : كساءه - ثم تلا هذه الآية : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ، اللهم{[23406]} هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحق " ، وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير{[23407]} ، عن الوليد بن مسلم ، عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه - زاد في آخره : قال واثلة : فقلت : وأنا يا رسول الله - صلى الله عليك - من أهلك ؟ قال : " وأنت من أهلي " قال واثلة : إنها من أرجى ما أرتجي{[23408]} .

ثم رواه أيضا عن عبد الأعلى بن واصل ، عن الفضل بن دُكَيْن ، عن عبد السلام بن حرب ، عن كلثوم المحاربي ، عن شداد أبي عمار قال : إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليا فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن الذي شتموه ، إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ، ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قال : " وأنت " قال : فوالله إنها لأوثق عملي عندي{[23409]} .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة ، رضي الله عنها ، ببرمة فيها خَزيرة ، فدخلت بها عليه فقال لها : " ادعي زوجك وابنيك " . قالت : فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامةٍ له على دكان{[23410]} تحته كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . قالت : فأخذ فضل الكساء فغطاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ، ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " ، قالت : فأدخلت رأسي البيت ، فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ فقال : " إنك إلى خير ، إنك إلى خير " {[23411]} .

في إسناده من لم يسم{[23412]} ، وهو شيخ عطاء ، وبقية رجاله ثقات .

طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، عن أبي المعدل{[23413]} ، عن عطية الطُّفَاوِيّ ، عن أبيه ؛ أن أم سلمة حدثته قالت{[23414]} : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يومًا إذ قال الخادم : إن فاطمة وعليا بالسدّة قالت : فقال لي : " قومي فَتَنَحي عن{[23415]} أهل بيتي " . قالت : فقمت فتنحيت في البيت قريبًا ، فدخل علي وفاطمة ، ومعهما الحسن والحسين ، وهما صبيان صغيران ، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبَّلهما ، واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى ، وقَبَّل فاطمة وقَبَّل عليا ، وأغدق عليهم خَميصَة سوداء وقال : " اللهم ، إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي " . قالت : فقلت : وأنا يا رسول الله ؟ صلى الله عليك . قال : " وأنت " {[23416]} .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا [ الحسن بن عطية ، حدثنا ]{[23417]} فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ؛ أن هذه الآية نزلت في بيتها : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قالت : وأنا جالسة على باب البيت فقلت : يا رسول الله ، ألستُ من أهل البيت ؟ فقال : " إنك إلى خير ، أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " قالت : وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، رضي الله عنهم{[23418]} .

طريق أخرى : رواه ابن جرير أيضا ، عن أبي كُرَيْب ، عن وَكِيع ، عن عبد الحميد بن بَهْرَام ، عن شَهْر بن حَوْشَب ، عن أم سلمة بنحوه{[23419]} .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا خالد بن مَخْلَد ، حدثني موسى بن يعقوب ، حدثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن وهب بن زَمْعَة قال : أخبرتني أم سلمة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع فاطمة والحسن والحسين ، ثم أدخلهم تحت ثوبه ، ثم جأر إلى الله ، عز وجل ، ثم قال : " هؤلاء أهل بيتي " . قالت أم سلمة : فقلت : يا رسول الله ، أدخلني معهم . فقال : " أنت من أهلي " {[23420]} .

طريق أخرى : رواه ابن جرير أيضا ، عن أحمد بن محمد الطوسي ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن محمد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أمه بنحو ذلك{[23421]} .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا سعيد بن زربي ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن أم سلمة قالت : جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عَصيدَة تحملها على طبق ، فوضعتها بين يديه فقال : " أين ابن عمك وابناك ؟ " فقالت : في البيت . فقال : " ادعيهم " . فجاءت إلى علي فقالت : أجِبْ رسول الله أنت وابناك . قالت أم سلمة : فلما رآهم مقبلين مدَّ يده إلى كساء كان على المنامة ، فمده وبسطه ، وأجلسهم عليه ، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، عز وجل ، فقال : " اللهم ، هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . {[23422]}

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا عبد الله{[23423]} بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد قال : ذكرنا علي بن أبي طالب عند أم سلمة ، فقالت : في بيتي نزلت : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . قالت أم سلمة : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي فقال : " لا تأذني لأحد " . فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها . ثم جاء الحسن فلم أستطع أن أحجبه عن أمه وجده ، ثم جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه ، ثم جاء علي فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا فَجَلّلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ، ثم قال : " هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط . قالت : فقلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قالت : فوالله ما أنعم ، وقال : " إنك إلى خير " {[23424]} .

حديث آخر : قال ابن جرير ، حدثنا ابن وَكِيع ، حدثنا محمد بن بشر{[23425]} عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة قالت : قالت عائشة ، رضي الله عنها : خرج رسول الله {[23426]} صلى الله عليه وسلم ذات غداة ، وعليه مِرْط مُرَجل من شَعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله معه ، ثم جاء الحسين فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه ، ثم جاء علي فأدخله معه ، ثم قال : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } .

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر{[23427]} ، به . {[23428]}

طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سُرَيج بن يونس أبو الحارث ، حدثنا محمد بن يزيد ، عن العوام - يعني : ابن حَوْشَب - عن عمٍّ له قال : دخلت مع أبي على عائشة ، فسألتها عن علي ، رضي الله عنه ، فقالت ، رضي الله عنها : تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه ؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فألقى عليهم ثوبا فقال : " اللهم ، هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قالت : فدنوت منه فقلت : يا رسول الله ، وأنا من أهل بيتك ؟ فقال : " تَنَحّي ، فإنك على خير " .

حديث آخر : قال ابن جرير حدثنا ابن المثنى ، حدثنا بكر{[23429]} بن يحيى بن زَبّان العَنزيّ ، حدثنا منْدَل ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نزلت هذه الآية في خمسة : فيّ ، وفي علي ، وحسن ، وحسين ، وفاطمة : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }{[23430]} .

قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ، كما تقدم .

وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العِجْلي ، عن عطية ، عن أبي سعيد موقوفا ، فالله أعلم .

حديث آخر : قال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا بُكَيْر بن مسمار قال : سمعت عامر بن سعد قال : قال سعد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي ، فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ، ثم قال : " رب ، هؤلاء أهلي وأهل بيتي " {[23431]}

حديث آخر : وقال مسلم في صحيحه : حدثني زُهَير بن حرب ، وشُجاع بن مَخْلَد جميعا ، عن ابن عُلَيَّة - قال زهير : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثني أبو حَيَّان ، حدثني يزيد بن حَيَّان قال : انطلقت أنا وحُصَين بن سَبْرَةَ وعمر بن مسلم{[23432]} إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيتَ يا زيدُ خيرًا كثيرًا [ رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعتَ حديثه ، وغزوتَ معه ، وصليتَ خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا ]{[23433]} ؛ حَدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا ا بن أخي ، والله لقد كَبرَت{[23434]} سِنِّي ، وقدم عهدي ، ونسيتُ بعض الذي كنتُ أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حَدّثتكُم فاقبلوا ، وما لا فلا تُكَلّفونيه . ثم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا بماء يدعى خُمًّا - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وَذَكّر ، ثم قال : " أما بعد ، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك{[23435]} أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، وأولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " . فَحَثّ على كتاب الله وَرَغَّب فيه ، ثم قال : " وأهل بيتي ، أذَكِّركم الله في أهل بيتي ، أذكِّركم الله في أهل بيتي " ثلاثا . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصّدَقة بعده . قال : ومَنْ هم ؟ قال هم آل علي ، وآل عَقِيل ، وآل جعفر ، وآل عباس . قال : كل هؤلاء حُرِمَ الصدقة ؟ قال : نعم{[23436]} .

ثم رواه عن محمد بن بَكَّار بن الريَّان ، عن حسان بن إبراهيم ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حَيَّان{[23437]} ، عن زيد بن أرقم ، فذكر الحديث بنحو ما تقدم ، وفيه : فقلنا له : مَنْ أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا وايم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها . أهل بيته أصله وعَصبَته الذين حُرموا الصدقة بعده{[23438]} .

هكذا وقع في هذه الرواية ، والأولى أولى ، والأخذ بها أحرى . وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه ، إنما المراد بهم آله الذين حُرموا الصدقة ، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط ، بل هم مع آله ، وهذا الاحتمال أرجح ؛ جمعا بينها وبين الرواية التي قبلها ، وجمعا أيضا بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت ، فإن في بعض أسانيدها نظرًا ، والله أعلم . ثم الذي لا يشك فيه من تَدَبَّر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ، فإن سياق الكلام معهن ؛ ولهذا قال تعالى بعد هذا كله : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ }


[23382]:- في ت: "ولا".
[23383]:- رواه بهذا اللفظ أبو داود في السنن برقم (565) من حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه ، وبالرواية الثانية برقم (567) من حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما ، وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر.
[23384]:- في أ: "مسعود".
[23385]:- في ت: "وروى أبو بكر البزار بإسناده".
[23386]:- في ت: "المجاهد".
[23387]:- مسند البزار برقم (1475) "كشف الأستار" ورواه أبو يعلى في المسند (6/140) وابن حبان في المجروحين (1/299) من طريق أبي رجاء الكلبي بنحوه. قال ابن حبان: "وكان روح ممن يروي عن الثقات الموضوعات ، ويقلب الأسانيد ، ويرفع الموقوفات" ثم قال: "لا تحل الرواية عنه ولا كتابة حديثه إلا للاختبار". وقال ابن عدي في الكامل: "أحاديثه غير محفوظة".
[23388]:- في ت: "وروى".
[23389]:- في أ: "ما يكون".
[23390]:- سنن الترمذي برقم (1173) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (1685) ومن طريقه ابن حبان في صحيحه برقم (329) "موارد" عن عمرو بن عاصم ، به ، وشك ابن خزيمة في سماع قتادة هذا الحديث من مورق.
[23391]:- سنن أبي داود برقم (570).
[23392]:- في ت: "إسناده".
[23393]:- في أ: "لها".
[23394]:- في ت: "وروى ابن جرير بإسناده".
[23395]:- في ت ، ف: "وتنزل".
[23396]:- تفسير الطبري (22/4).
[23397]:- في ت: "أنزلت".
[23398]:- في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى".
[23399]:- في ت: "فروى الإمام أحمد بإسناده".
[23400]:- في ت: "حديث حسن".
[23401]:- المسند (3/259) وسنن الترمذي برقم (3206).
[23402]:- زيادة من ت ، ف ، أ ، والطبري.
[23403]:- تفسير الطبري (22/6) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/200) من طريق منصور بن الأسود ، عن أبي داود بنحوه.
[23404]:- في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن شداد بن عمار".
[23405]:- في ت: "عليهما".
[23406]:- في ت ، ف: "وقال: اللهم".
[23407]:- في أ: "عمر".
[23408]:- المسند (4/107) وتفسير الطبري (22/6).
[23409]:- تفسير الطبري (22/7) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/65) من طريق علي بن عبد العزيز عن الفضل بن دكين ، أبو نعيم به.
[23410]:- في ف: "وكان".
[23411]:- المسند (6/292) وقد سمى شيخ عطاء في رواية الطبراني في المعجم الكبير (9/11) فقال عن عطاء بن أبي رباح ، عن عمر بن أبي سلمة بنحوه.
[23412]:- في أ: "يسمع".
[23413]:- في أ: "العدل".
[23414]:- في ت: "وروى الإمام أحمد بسنده أن أم سلمة قالت".
[23415]:- في أ: "فتنحى لي عن".
[23416]:- المسند (6/296).
[23417]:- زيادة من: ت ، ف ، و"الطبري".
[23418]:- تفسير الطبري (22/7) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (23/249) من طريق فضيل بن مرزوق به مختصرا.
[23419]:- تفسير الطبري (22/6) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (770) من طريق عبد الحميد بن بهرام ، به. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (23/333) من طريق زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة.
[23420]:- تفسير الطبري (22/7) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (763) من طريق خالد بن مخلد القطواني به.
[23421]:- تفسير الطبري (22/7) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (23/286) من طريق شريك ، عن عطاء ، عن أم سلمة.
[23422]:- تفسير الطبري (22/7).
[23423]:- في أ: "عبد الملك".
[23424]:- تفسير الطبري (22/7) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (762) من طريق جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش بنحوه.
[23425]:- في أ: "بشير".
[23426]:- في ف: "النبي".
[23427]:- في أ: "بشير".
[23428]:- تفسير الطبري (22/5) وصحيح مسلم برقم (2081).
[23429]:- في ف: "بكير".
[23430]:- تفسير الطبري (22/5).
[23431]:- رواه الطبري في تفسيره (22/7) والنسائي في السنن الكبرى برقم (8439) من طريق أبي بكر الحنفي ، عن بكير بن مسمار ، به.
[23432]:- في ت ، ف ، أ: "سلمة".
[23433]:- زيادة من ت ، ف ، ومسلم.
[23434]:- في أ "كبر".
[23435]:- في ف: "فيوشك".
[23436]:- صحيح مسلم برقم (2408).
[23437]:- في أ: "حسان".
[23438]:- صحيح مسلم برقم (2408).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وقرن في بيوتكن } من وقر يقر وقارا أو من قر يقر حذفت الأولى من راءي أقررن ونقلت كسرتها إلى القاف ، فاستغني عن همزة الوصل ، ويؤيده قراءة نافع وعاصم بالفتح من قررت أقر وهو لغة فيه ، ويحتمل أن يكون من قار يقار إذا اجتمع . { ولا تبرجن } ولا تتبخترن في مشيكن . { تبرج الجاهلية الأولى } تبرجا مثل تبرج النساء في أيام الجاهلية القديمة ، وقيل هي ما بين آدم ونوح ، وقيل الزمان الذي ولد فيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، كانت المرأة تلبس درعا من اللؤلؤ فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال . والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وقيل الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام ، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق في الإسلام ، ويعضده قوله عليه الصلاة والسلام لأبي الدرداء رضي الله عنه " إن فيك جاهلية ، قال جاهلية كفر أو إسلام قال بل جاهلية كفر " . { وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله } في سائر ما أمركن به ونهاكن عنه . { إنما يريد ليذهب عنكم الرجس } الذنب المدنس لعرضكم ، وهو تعليل لأمرهن ونهيهن على الاستئناف ؛ولذلك عمم الحكم . { أهل البيت } نصب على النداء أو المدح . { ويطهركم } عن المعاصي . { تطهيرا } واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطهير للتنفير عنها ، وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما رضي الله عنهم لما روي " أنه عليه الصلاة والسلام خرج ذات غدوة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجلس فأتت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن والحسين رضي الله عنهما فأدخلهما فيه ثم قال : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت } ، والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون إجماعهم حجة ضعيف ؛لأن التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها ، والحديث يقتضي أنهم من أهل البيت لا أنه ليس غيرهم .