تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكواة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .

المفردات :

وقرن في بيوتكن : اقررن في بيوتكن ولا تخرجن منها إلا لحاجة وهو من القرار في المكان بمعنى الثبوت فيه وفتح القاف في ( قرن ) قراءة حفص وقرأ الجمهور بكسرها ( وقرن ) وهو من الوقار .

ولا تبرجن : ولا تتزين وتخرجن متبخترات تبدين من محاسنكن ما يجب ستره .

الرجس : الذنب والدنس والرذائل .

التفسير :

أي الزمن القرار في بيوتكن ولا تخرجن منها إلا بسبب مشروع مثل : إقامة الصلاة في المسجد أو حضور العلم أو زيارة الوالدين أو المشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو المشاركة في كل ما أمر به الله ، وحثت عليه الشريعة مثل شهود الجمع والجماعات ، وشهود نعم الله تعالى في البر والبحر والنباتات والزراعة ، ما دام ذلك يتم في تمسك بالمظهر الحسن والاحتشام في الملبس وعدم إظهار المفاتن التي تحرك الشهوة في الرجال ، وقد كانت المرأة في الجاهلية ترسل خمارها على ظهرها وتبدي أقراطها ورقبتها وزينتها ودلالها بما يثير الإعجاب في نفوس الرجال فقال القرآن :

{ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى . . . }

أي لا تبدين محاسنكن التي أمر الله بسترها ، مثل كشف الرقبة أو الصدر أو الظهر أو التبخثر والتكسر من المرأة في مشيتها وصوتها لفتنة الرجال .

{ وأقمن الصلواة . . . } .

حافظن على إقامة الصلاة تامة الأركان في خشوع وخضوع ، لأن الصلاة وسيلة إلى طهارة النفس والبعد عن الرذائل وهي وسيلة للتحلي بالفضائل .

{ وءاتين الزكواة . . . } .

أخرجن الزكاة ففيها حق الفقير ، حتى لا يحس أنه ضائع ولا جائع وفيها حق لله تعالى الذي أعطانا المال وفيها حق للمجتمع الذي نعيش فيه ، ويربح منه التاجر ويكسب منه العامل ، والزكاة وسيلة من وسائل تماسك المجتمع وقوته .

{ وأطعن الله ورسوله . . . } .

وذلك يشمل كل طاعة لله ورسوله في التزام هدى الإسلام وأوامره وتجنب نواهيه .

{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .

إنما أراد الله سبحانه بتلك الأوامر والتوجيهات تطهير أمهات المؤمنين عن المعاصي والذنوب وتعمير قلوبهم بنور الإيمان ، وبذلك تكون الطاعة وسيلة عملية إلى تزكية النفس وطهارتها وعلو منزلتها وأهل البيت : كل من لازم النبي محمدا صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأقارب وتوجيه الأوامر لهم لأنهم قدوة .

روى الإمام أحمد والترمذي عن أنس بن مالك قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج على صلاة الفجر يقول : " الصلاة يا أهل البيت : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } . 32

وأهل البيت النبوي هم نساؤه صلى الله عليه وسلم ، وقرابته منهم العباس وأعمامه وبنو أعمامه منهم .

وقال الفخر الرازي في تفسير الآية :

والأولى أن يقال هم أولاده وأزواجه والحسن والحسين وعلى منهم لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بنت النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم .

وقال القرطبي والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم . 33