بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

قال عز وجل : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } من الوقار ، وهو من وقر يقر . ويقال : هو من التقرير ويقال : قر يقر وأصلهُ أقررن . ولكن المضاعف يراد به التخفيف . فحذف إحدى الراءين للتخفيف . فلما طرحوا إحدى الراءين ، استثقلوا الألف ولم تكن أصلية ، وإنما دخلت للوصل . فحذفت الألف . ومن قرأ { وَقَرْنَ } بنصب القاف لا يكون إلا للتقرير .

ثم قال : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى } يعني : لا تتزين كتزين الجاهلية الأولى . والتبرج إظهار الزينة . ويقال : التبرج : الخروج من المنزل . و{ الجاهلية الأولى } قال الكلبي : يعني : الأزمنة التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام . فكانت المرأة من أهل ذلك الزمان تتخذ الدروع من اللؤلؤ ، ثم تمشي وسط الطريق . وكان ذلك في زمن النمرود الجبار .

وروي عن الحكم بن عيينة قال { الجاهلية الأولى } كانت بين نوح وآدم عليهما السلام . وكانت نساؤهم أقبح ما يكون من النساء ، ورجالهم حسان . وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها . وروى عكرمة عن ابن عباس أن { الجاهلية الأولى } كانت بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة . وقال مقاتل : { الجاهلية الأولى } كانت قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم . وإنما سمى جاهلية الأولى ؛ لأنه كان قبله .

ثم قال : { أقمن الصلاة } يعني : أتممن الصلوات الخمس { وآتين الزكاة } يعني : إن كان لكن مال { وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ } فيما ينهاكن ، وفيما يأمركن { إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس } يعني : الإثم . وأصله في اللغة كل خبيث من المأكول وغيره . { أَهْلَ البيت } يعني : يا أهل البيت ، وإنما كان نصباً للنداء . ويقال : إنما صار نصباً للمدح . ويقال : صار نصباً على جهة التفسير ، فكأنه يقول : أعني أهل البيت . وقال : { عَنْكُمْ } بلفظ التذكير ، ولم يقل : عنكن ؛ لأن لفظ أهل البيت يصلح أن يذكر ويؤنث . قوله { وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً } يعني : من الإثم والذنوب .