معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

[ قوله ] : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ 33 } من الوقارِ . تقول للرَّجل : قد وَقَرَ في منزله يقِر وُقوراً . وقرأ عاصم وأهل المدينة ( وَقرْنَ ) بالفتح . ولا يكون ذلك من الوقار ، ولكنا نُرى أنهم أرادوا : وَاقْرَرْن في بيوتكنّ فحذفوا الرَّاء الأولى ، فحوِّلت فتحها في القاف ؛ كما قالوا : هل أحَسْتَ صاحبك ، وكما قال { فَظَلْتُمْ } يريد : فظلِلْتم .

ومنَ العَرب من يقول : واقرِرْن في بيوتكُنّ ، فلو قال قائل : وقِرنَ بكسر القاف يريد واقرِرن /148 ب بكسر الراء فيحوّل كسرة الراء ( إذا سقطت ) إلى القاف كان وجها . ولم نجد ذلك في الوجهيْن جَميعاً مستعملاً في كلام العرب إلاّ في فعلت وفعلتم وفعلنَ ، فأما في الأمر والنهي المستقبل فلا . إِلا أَنا جوَّزنا ذلكَ لأنَّ اللام في النسوة ساكنة في فعلن ويفعلنَ فجازَ ذلك . وقد قال أعرابيّ من بنى نُمَير : يَنْحَطْنَ من الجَبَل يريد : ينحطِطن . فهذا يقوّي ذلك .

وقوله : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } قال : ذلك في زمنٍ ولد فيه إبراهيم النبيّ عليه السلام . كانت المرأة إذ ذاك تلبس الدِّرعَ من اللؤلؤ غير مخِيط الجانبين . ويقال : كانت تلبس الثياب تبلغ المال لا توارى جَسَدَها ، فأُمرِن ألاّ يفعلن مثل ذلك .