التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وقرن في بيوتكن } قرئ بكسر القاف ، ويحتمل وجهين : أن يكون من الوقار أو من القرار في الموضع ، ثم حذفت الراء الواحدة كما حذفت اللام في ظلت ، وأما القراءة بالفتح فمن القرار في الموضع على لغة من يقول قررت بالكسر أقر بالفتح ، والمشهور في اللغة عكس ذلك ، وقيل : هي من قار يقار إذا اجتمع ومعنى القرار أرجح ، لأن سودة رضي الله عنها قيل لها : لم لا تخرجين فقالت : أمرنا الله بأن نقر في بيوتنا ، وكانت عائشة إذا قرأت هذه الآية تبكي على خروجها أيام الجمل ، وحينئذ قال لها عمار : إن الله أمرك أن تقري في بيتك .

{ ولا تبرجن } التبرج إظهار الزينة .

{ تبرج الجاهلية الأولى } أي : مثل ما كان نساء الجاهلية يفعلن من الانكشاف والتعرض للنظر ، وجعلها أولى بالنظر إلى حال الإسلام ، وقيل : الجاهلية الأولى ما بين آدم ونوح ، وقيل : ما بين موسى وعيسى .

{ الرجس } أصله النجس ، والمراد به هنا النقائص والعيوب .

{ أهل البيت } منادى أو منصوب على التخصيص ، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم : هم أزواجه وذريته وأقاربه كالعباس وعلي وكل من حرمت عليه الصدقة ، وقيل : المراد هنا أزواجه خاصة ، والبيت على هذا المسكن ، وهذا ضعيف لأن الخطاب بالتذكير ، ولو أراد ذلك لقال عنكن وروي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وفاطمة والحسن والحسين ) .