فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا 33 واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا 34 }

أمر بالاستقرار في البيوت ، خوطبت به أمهات المؤمنين ، وسائر النساء لهن تبع ، ونهى عن التبرج الذي يتناول إظهار ما يقبح إظهاره ويجمل ستره- ولقد أورد المفسرون كلاما كثيرا في وصف ما كان عليه النساء في الجاهلية الأولى من تبرج – وبحسبنا أن نشير إلى قول مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذاك التبرج . اه

يقول القرطبي : فيلزمن البيوت فإن مست الحاجة – يعني إلى الخروج خارج البيوت- فليكن على تستر تام . اه

وليداومن على إقامة الصلاة وإتمامها ، وعلى إعطاء الزكاة مستحقيها ، وليثبتن على طاعة الله تعالى ورسوله في كل أمر ونهي ، إنما يريد الله أن يخليهن عن النقائص ، ويحليهن بالمكارم ، فالرجس الذنب وإذهابه إزالة ما يوقع فيه .

يقول صاحب روح المعاني ، وفسر بعض أهل السنة الإرادة ههنا بالمحبة قالوا : لأنه لو أريد بها الإرادة التي يتحقق عندها الفعل لكان كل من أهل البيت محفوظا من كل ذنب ، والمشاهد خلافه . . . نهاكم الله تعالى وأمركم لأنه- عز وجل- يريد بنهيكم وأمركم ليذهب عنكم الرجس ويطهركم إن انتهيتم وائتمرتم . . اه{[3626]} .

وعظمن آيات الله ، واذكرن حقها ، واستدمن تقديرها قدرها ، وتدبرنها لتتعظن بمواعظ الله تعالى فيها ، وكذا ما ترينه وتسمعنه من أقوال وأفعال وتقريرات رسولنا المبعوث بالكتاب والحكمة ، أو : أخبرن بما أنزل الله من قرآن في بيوتكن ، وما ترين من النبي صلى الله عليه وسلم من أفعال وتسمعن منه من أقوال ، وعليكن تبليغ ذلك للناس ليعملوا ويقتدوا ، إن المعبود بحق يعلم دقائق الأمور وخفاياها ، وخبير بما فيه خير السامعين والمبلغين ، كما هو خبير بكل شأن .

مما يقول الطبري : حدثنا ابن حميد قال ثنا يحيى بن واضح قال ثنا الأصبغ عن علقمة قال : كان عكرمة ينادي في السوق{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة . اه


[3626]:جـ 22 ص 18، 19.