المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التوبة مدنية ، نزلت بالمدينة في العام التاسع ، وحملها علي بن أبي طالب إلى المسلمين في الحج ، وقرأها عليهم ، وأمير الحج في هذا العام أبو بكر الصديق رضي الله عنه وآياتها تسع وعشرون ومائة ، وقد ابتدأت ببراءة الله تعالى من المشركين ، ولذلك سميت براءة . وذكرت بعد ذلك حرمة الأشهر الحرم ، وعهد المشركين ، ووجوب الوفاء ما لم ينكثوا ، ومن ينكث في العهد فإنه تجب حربه ، وبينت بعد ذلك أن لب التقرب إلى الله تعالى هو الإيمان به ، وأنه لا يكمل الإيمان إلا إذا كان الله ورسوله أحب إلى المؤمنين من كل شيء ، وذكر سبحانه أن الاغترار بالقوة يبعد النصر ، وأشار إلى حال المسلمين في غزوة حنين ، وفي هذه السورة حرم على المشركين دخول المسجد الحرام ، لأنهم نجس .

وفيها النص على وجوب قتال اليهود والنصارى حتى يعطوا الجزية عن يد ، وبين فيها عدد الأشهر الحرم ، وفيها بينت ضرورة النفرة إل القتال عند كل نداء من غير تلكؤ ، وفيها من بعد ذلك إشارات إلى المخلفين والمعوقين عن الخروج للقتال ، وبيان أحوال المنافقين الذين يبتغون الفتنة في كل وقت تكون الدعوة فيه إلى القتال ، وذكر الله تعالى المنافقين في معاملتهم للمؤمنين في السلم وفي الحرب .

وفي هذه السورة الأمر القاطع المعلن لعقوبة النفاق ، وهو ألا يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على أحد منهم ، وذكر سبحانه بعد ذلك الأعذار التي تسوغ التخلف ، وبين سبحانه حال الذين أظهروا الدخول في الإسلام من الأعراب ، أو خضعوا لأحكامه بعد أن صارت له قوة ، وبين أن هؤلاء الأعراب مقيمون حول المدينة وقريبا منها .

وذكر من بعد ذلك أحوال الناس بالنسبة للإيمان ، وذكر خبر مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ليهربوا من المسجد الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر سبحانه أوصاف المؤمنين الصادقين في إيمانهم . وتوبة الذين كانوا قد خلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبول الله تعالى لهذه التوبة ، كما ذكر سبحانه وتعالى أحوال الناس في تلقي آيات القرآن عند نزولها ، وختم سبحانه وتعالى السورة بأن الله تعالى اختار محمدا للرسالة وهو لا يريد عنت من أرسل إليهم ، وأنه بهم رؤوف رحيم ، وأن الله حسبه إذا تولوا عنه .

1- الله ورسوله بريئان من المشركين الذين عاهدتموهم فنقضوا العهد .