تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التوبة سورة براءة ، مدنية كلها ، غير آيتين ، هما : قوله تعالى : { لقد جاءكم رسول . . . } [ آية :128 ،129 ] إلى آخر السورة ، فإنهما مكيتان ، وهى مائة وسبع وعشرون آية كوفية .

لما نزلت براءة ، بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على حج الناس ، وبعث معه ببراءة ، من أول السورة إلى تسع آيات ، فنزل جبريل ، فقال : يا محمد ، إنه لا يؤدي عنك إلا رجل منك ، ثم اتبعه على بن أبي طالب ، فأدركه بذي الحليفة على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذها منه ، ثم رجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : بأبي أنت وأمي ، هل أنزل الله في من شيء ؟ قال : "لا ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني ، أما ترى يا أبا بكر أنك صاحبي في الغار ، وأنك أخي في الإسلام ، وأنك ترد على الحوض يوم القيامة ؟" قال : بلى يا رسول الله ، فمضى أبو بكر على الناس ، ومضى على ببراءة من أول السورة إلى تسع آيات ، فقام على يوم النحر بمنى ، فقرأها على الناس .

{ براءة من الله ورسوله } من العهد غير أربعة أشهر ، { إلى الذين عاهدتم من المشركين } [ آية :1 ] نزلت في ثلاثة أحياء من العرب ، منهم خزاعة ، ومنهم هلال بن عويمر ، وفي مدلج ، منهم سراقة بن مالك بن خثعم الكناني ، وفي بني خزيمة بن عامر ، وهما حيان من كنانة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم عاهدهم بالحديبية سنتين ، صالح عليهم المخش بن خويلد بن عمارة بن المخش فجعل الله عز وجل للذين كانوا في العهد أجلهم أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر من ربيع الآخر .