التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة براءة

مدنية إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان

وآياتها 129 نزلت بعد المائدة

وتسمى سورة التوبة ، وتسمى أيضا الفاضحة لأنها كشفت أسرار المنافقين ، واتفقت المصاحف والقراء على إسقاط البسملة من أولها ، واختلف في سبب ذلك ، فقال عثمان بن عفان : اشتبهت معانيها بمعاني الأنفال وكانت تدعى القرينتين في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك قرنت بينهما فوضعتهما في السبع الطوال وكان الصحابة قد اختلفوا هل هما سورتان أو سورة واحدة فتركت البسملة بينهما لذلك ، وقال علي بن أبي طالب البسملة أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ، فلذلك لم تبدأ بالأمان .

{ براءة من الله ورسوله } المراد بالبراءة التبرؤ من المشركين وارتفاع { براءة } على أنه خبر ابتداء أو مبتدأ .

{ إلى الذين عاهدتم من المشركين } تقدير الكلام براءة واصلة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ، ف{ من } و{ إلى } يتعلقان بمحذوف لا ببراءة ، وإنما أسند العهد إلى المسلمين في قوله : { عاهدتم } ، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لازم للمسلمين ، فكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهد المشركين إلى آجال محدودة ، فمنهم من وفى فأمر الله أن يتم عهده إلى مدته ، ومنهم من نقض ، أو قارب النقض فجعل له أجل أربعة أشهر ، وبعدها لا يكون له عهد .