مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ مَا كَانَ يَنۢبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِن مَّتَّعۡتَهُمۡ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكۡرَ وَكَانُواْ قَوۡمَۢا بُورٗا} (18)

{ قَالُواْ سبحانك } تعجب منهم مما قيل لهم وقصدوا به تنزيهه عن الأنداد وأن يكون له نبي أو ملك أو غيرهما نداً . ثم قالوا { مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء } أي ما كان يصح لنا ولا يستقيم أن نتولى أحداً دونك فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولونا دونك ؟ { نتخذ } يزيد . و«اتخذ » يتعدى إلى مفعول واحد نحو «اتخذ ولياً » وإلى مفعولين نحو «اتخذ فلاناً ولياً » قال الله تعالى : { أَمِ اتخذوا الِهَةً مّنَ الأرض } [ الأنبياء : 21 ] { اتخذ الله إبراهيم خَلِيلاً } [ النساء : 125 ] فالقراءة الأولى لواحد وهو من أولياء والأصل أن تتخذ أولياء وزيدت «من » التأكيد معنى النفي ، والقراءة الثانية في المتعدي إلى المفعولين فالمفعول الأول ما بني له الفعل والثاني من أولياء و«من » للتبعيض أي لا نتخذ بعض أولياء لأن من لا تزاد في المفعول الثاني بل في الأول تقول «ما اتخذت من أحد ولياً » ولا تقول «ما اتخذت أحداً من ولي » { ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ } بالأموال والأولاد . وطول العمر والسلامة من العذاب { حتى نَسُواْ الذكر } أي ذكر الله والإيمان به والقرآن والشرائع { وَكَانُواْ } عند الله { قَوْماً بُوراً } أي هلكى جمع بائر كعائذ وعوذ ثم يقال للكفار بطريق الخطاب عدولاً عن الغيبة .