بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ مَا كَانَ يَنۢبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِن مَّتَّعۡتَهُمۡ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكۡرَ وَكَانُواْ قَوۡمَۢا بُورٗا} (18)

قوله تعالى : { قَالُواْ سبحانك } أي : تنزيهاً لك { مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا } أي : ما يجوز لنا { أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء } وقرأ الحسن وأبو جعفر المدني أن { نَّتَّخِذَ } بضم النون ونصب الخاء ، ومعناه : ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك إلها فيعبد . وقراءة العامة بنصب النون وكسر الخاء ، يعني : ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء فيعبدوننا . ويقال : معناه ما كان فينا روح نأمرهم بطاعتنا . ويقال : ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء فنعبدهم ، فكيف نأمر غيرنا بعبادتنا ، كقوله تعالى : { قَالُواْ سبحانك أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [ سبأ : 41 ] قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } بالياء . { فَيَقُولُ } بالياء وقرأ ابن عامر كليهما بالنون . وقرأ الباقون الأول بالنون والثاني بالياء .

ثم قال : { ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ } يعني : أن هذا كان بكرمك وفضلك ، حيث لما عصوك لم تمنع عنهم الدنيا حتى اغتروا بذلك ، وظنوا أنهم على الحق ، حيث لم يصبهم بلاء ولم تمنع منهم النعمة ، فذلك قوله تعالى : { ولكن مَّتَّعْتَهُمْ } يعني : تركتهم في الدنيا يتمتعون ، وأجلتهم وآباءهم في المتاع والسعة . { حتى نَسُواْ الذكر } يعني : تركوا التوحيد والإيمان بالقرآن . { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } أي هلكى فاسدين . وأصله الكساد يقال : بارت السوق إذا كسدت . وقال الكلبي : بوراً يعني : هالكين ، فاسدة قلوبهم ، غير متقين ، ولا محسنين .