الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ مَا كَانَ يَنۢبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِن مَّتَّعۡتَهُمۡ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكۡرَ وَكَانُواْ قَوۡمَۢا بُورٗا} (18)

{ قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ } أي ما كان ينبغي لنا أن نوالي أعداءك بل أنت وليّنا من دونهم ، وقرأ الحسن وأبو جعفر : أن نُتَّخذ بضم النون وفتح الخاء .

قال أبو عبيد : هذا لا يجوز لأنَّ الله سبحانه ذكر ( مِنْ ) مرّتين ، ولو كان كما قالوا لقال : أن نتّخذ من دونك أولياء . وقال غيرهُ : ( مِنْ ) الثاني صِلة .

{ وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ } في الدنيا بالصحة والنعمة { حَتَّى نَسُواْ الذِّكْرَ } أي تركوا القرآن فلم يعملوا بما فيه ، وقيل : الرسول ، وقيل : الإسلام ، وقيل : التوحيد ، وقيل : ذكر الله سبحانه وتعالى .

{ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } أي هلكى قد غلب عليهم الشقاية والخذلان ، وقال الحسن وابن زيد : البور : الذي ليس فيه من الخير شيء ، قال أبو عبيد : وأصله من البوار وهو الكساد والفساد ومنه بوار الأيم وبوار السلعة ، وهو اسم مصدر كالزور يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث والمذكر . قال ابن الزبعرى :

يا رسول المليك إنّ لساني *** راتق ما فتقت إذ أنا بُور

وقيل : هو جمع البائر ، ويقال : أصبحت منازلهم بوراً أي خالية لا شيء فيها ، فيقول الله سبحانه لهم عند تبرّي المعبودين منهم { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ }