سورة الإخلاص مكية ، وآياتها أربع ، نزلت بعد سورة الناس .
روى الطبري في تفسيره : أن المشركين قالوا : يا رسول الله ، أخبرنا عن ربك . صف لنا ربك ما هو ؟ ومن أي شيء هو ؟ فأنزل الله { قل هو الله أحد . . . } . من ثم جاءت هذه السورة العظيمة على قصرها جامعة لصفات الكمال ، الواحد ، الأحد ، المقصود على الدوام في كل شيء ، الغني عن كل ما سواه ، المتنزه عن المجانسة والمماثلة ، والذي ليس له من خلقه نظير ، ولا شبيه .
وقد ختمت هذه السورة الكريمة صفات الجلال والكمال ، وأثبتت الوحدانية ونفت التعدد { قل هو الله أحد } ، وأثبتت كماله تعالى ، ونفت النقص والعجز { الله الصمد } الذي يُقصد في الحاجات ، ونصّت على أزليته وبقائه ، ونفت الذرية والتناسل { لم يلد ولم يولد } ، ودلت على عظمته وجلاله ، ونفت عنه الأنداد والأكفاء { ولم يكن له كفوا أحد } ، { ليس كمثله شيء } .
وقد وردت أحاديث عديدة بفضلها ، ففي صحيح البخاري أن رجلا سمع رجلا يقرأ { قل هو الله أحد } يرددها ، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، وكأنه يتقالّها ، فقال الرسول الكريم : " والذي نفسي بيده ، إنها تعدل ثلث القرآن " .
قل يا محمدُ لِمَن سألوك عن صِفة ربك : اللهُ هو الواحدُ ، لا شريكَ له ولا شبيه .
مكية ، في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر . ومدنية ، في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي . وهي أربع آيات .
قوله تعالى : { قل هو الله أحد } أي الواحد الوتر ، الذي لا شبيه له ، ولا نظير ولا صاحبة ، ولا ولد ولا شريك . وأصل " أحد " : وحد ، قلبت الواو همزة . ومنه قول النابغة{[16565]} :
بِذِي الجَلِيلِ على مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ
وقد تقدم في سورة " البقرة " الفرق بين واحد وأحد ، وفي كتاب " الأسنى في شرح أسماء الله الحسي " أيضا مستوفى . والحمد لله . و " أحد " مرفوع ، على معنى : هو أحد . وقيل : المعنى : قل : الأمر والشأن : الله أحد . وقيل : " أحد " بدل من قوله : " الله " .
وقرأ جماعة { أحد الله } بلا تنوين ، طلبا للخفة ، وفرارا من التقاء الساكنين ، ومنه قول الشاعر :
ولا ذاكرَ اللهَ إلا قليلا{[16566]}
{ قل هو الله أحد 1 الله الصمد 2 لم يلد ولم يولد 3 ولم يكن له كفوا أحد } .
روي عن ابن عباس أنه قال : قالت قريش : يا محمد ، صف لنا ربك الذي تدعونا إليه ، فنزلت { قل هو الله أحد } .
على أن هذه السورة عظيمة القدر والشأن ، فهي تعدل في فضلها وعظيم أجرها ثلث القرآن . فقد روى الإمام أحمد عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فإنه من قرأ { قل هو الله أحد 1 الله الصمد } في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن " ، وهو ، ضمير الشأن ، مبتدأ . والله ، مبتدأ ثان ، { أحد } خبر المبتدأ الثاني . والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول {[4881]} ، ومعنى { هو الله أحد } أن الله هو الواحد الأحد ، الذي ليس له نظير ، ولا شبيه ، ولا نديد ، ولا نصير ، وليس له شريك في الملك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.