روى البخاري{[1]} عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب { قل هو الله أحد } ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " سلوه لأي شيء يصنع ذلك " ، فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أخبروه أن الله تعالى يحبه " .
وروى الإمام أحمد {[2]} عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " ، وأخرجه البخاري في قصة .
وروى الإمام أحمد{[3]} عن أبي بن كعب " أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، انسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى هذه السورة " .
{ قل هو الله أحد } أي الخبر الحق المؤيد بالبرهان الذي لا يرتاب فيه ، وهو ما يعبر عنه النحويون بالقصة أو الحديث أو الشأن . قال أبو السعود : ومدار وضعه موضعه مع عدم سبق ذكره الإيذان بأنه من الشهرة والنباهة بحيث يستحضره كل أحد ، وإليه يشير كل مشير ، وإليه يعود كل ضمير { الله أحد } أي واحد في الألوهية والربوبية ، قال الزمخشري :{ أحد } بمعنى واحد . وقال ابن الأثير :( الأحد ) في أسمائه تعالى ، الفرد الذي لم يزل وحده ، ولم يكن معه آخر . والهمزة فيه بدل من الواو ، وأصله ( وحد ) ؛ لأنه من الوحدة . وفي ( المصباح ) : يكون ( أحد ) مرادفا ( لواحد ) في موضعين سماعا : أحدهما : وصف اسم البارىء تعالى ، فيقال : هو الواحد ، وهو الأحد ، لاختصاصه بالأحدية ، فلا يشركه فيها غيره ، ولهذا لا ينعت به غير الله تعالى ، فلا يقال :( رجل أحد ) ، ولا ( درهم أحد ) ، ونحو ذلك .
والموضع الثاني أسماء العدد للغلبة ، وكثرة الاستعمال ، فيقال : أحد وعشرون ، وواحد وعشرون ، في غير هذين يقع الفرق بينهما في الاستعمال ، بأن ( الأحد ) لنفي ما يذكر معه ، فلا يستعمل إلا في الجحد لما فيه من العموم نحو ما قام أحد ، أو مضافا نحو ( ما قام أحد الثلاثة ) ، و ( الواحد ) اسم لمفتتح العدد ، ويستعمل في الإثبات مضافا وغير مضاف ، فيقال ( جاءني واحد من القوم ) انتهى .
وقال الأزهري : الواحد من صفات الله تعالى معناه أنه لا ثاني له ، ويجوز أن ينعت الشيء بأنه واحد ، فأما ( أحد ) فلا ينعت به غير الله تعالى ، لخلوص هذا الاسم الشريف له جل ثناؤه .
قال الإمام : ونكر الخبر ؛ لأن المقصود أن يخبر عن الله بأنه واحد لا بأنه لا واحد سواه ، فإن الوحدة تكون لكل واحد . تقول : ( لا أحد في الدار ) ، بمعنى لا واحد من الناس فيها ، والذي كان يزعمه المخاطبون هو التعدد في ذاته ، فأراد نفي ذلك بأنه أحد ، وهو تقرير لخلاف ما يعتقد به أهل الأصلين من المجوس ، وما يعتقده القائلون بالثلاثة منهم ومن غيرهم ، وسيأتي لابن تيمية كلام آخر في سر إيثاره بالنكير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.