لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۗ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (230)

الرجلُ يَشُقُّ عليه أن ينكحَ زوجتَه غيرُه فمنعه عن اختيار الفراق بغاية الفراق بُغْية المنع لما بيَّن أنها لا تحل له إن فارقها إلا بأن تفعل غاية ما يشق عليه وهو الزواج الثاني لِيَحْذَرَ الطلاق ما أمكنه . ثم قال : " فإنْ طَلَّقَها " يعني الزوج { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا } يعني تتزوج بالزوج الأول .

والإشارة فيه أن استيلاء المحبة على القلب يُهَوِّن مُقاساة كلِّ شديدة ؛ فلو انطوى الزوجان بعد الفرقة على التحسُّر على ما فاتهما من الوصلة ، وندما على ذلك غاية الندامة فلا جناح عليهما أن يتراجعا ، والمرأة في هذه الحالة كأنها ( . . . ) من الزوج الأول بمكان الزوج الثاني والزوج كالآتي على نفسه في احتمال ذلك .

ثم قال جلّ ذكره : { إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } .

يعني لا يعودان بعد ذلك إلى الفراق ثانياً إذا علما حاجة أحدهما إلى صاحبه ، قال قائلهم :

ولقد حلفت لئن لقيتك مرةً *** ألا أعود إلى فراقك ثانية