الآية 230 وقوله : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } هذه الآية رجعت إلى [ قوله الأول ]{[2723]} { الطلاق مرتان } فإن طلقها بعد التطليقتين تطليقة أخرى { فلا يحل له من بعد حتى ينكح زوجا غيره } . وقوله : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } قيل : التطليقة الثالثة . وعلى ذلك جاء الخبر{[2724]} ، وهو واحد عندنا ؛ يدل عليه أيضا قوله تعالى : { حتى ينحك زوجا غيره } ، ويحتمل{[2725]} عقد النكاح خاصة دون الجماع من الثاني ؛ إذ ليس في الآية ذكر الدخول لها . وأما عندنا فهو على فعل الجماع في النكاح الثاني ؛ يدل عليه قوله : صلى الله عليه وسلم ( لا . . . حتى تذوق من عسيلته ويذوق من عسيلتها ) [ البخاري : 5265 ] ، فيكون النكاح مضمرا ، وهو أولى ، لأن الآية في عقوبة الأول ، ولا يشتد عليه النكاح حتى يصل به الوطء . وفيه دلالة على كراهة التطليقة الثالثة : أنه هي لا تحل له بعدها إلا بعد دخول زوج آخر بها ، وذلك مما ينفر عنه الطبع ، ويكرهه .
وقوله : { فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا } فيه دليل على أن التراجع إيجاب عقد بهما جميعا ؛ فدل على قطع رجعته : الثاني : الحل للزوج الأول ، وذلك أن لا جعة فيه لغيره ، وقوله : { وبعولتهن أحق بردهن } [ البقرة : 228 ] أضاف الرد إلى الأزواج ؛ فدل أنهم ينفردون به دونهن .
ثم ذكر الكتاب : { فلا تحل له من بعد حتى ينكح زوجا } جعل سبب الحل على الزوج الأول نكاح الثاني ، لم يجر أن ينهي ، وقد جعل هو سبب رفع الحرمة ؛ إذ في هذا ، في أحكام الله تعالى ، لا يوجد /39-ب/ ولا يستقيم هو كالضوء في ما جعل سببا لإقامة الصلاة ، لم يجر أن يجعل سببا لها ، ثم يكره الإقدام عليه ، وينهي عنه ، وكالتحريم ؛ إذ جعل سببا للدخول به{[2726]} في الصلاة ، لم يجز النهي عنها ، وبه{[2727]} قوامها . كذا هذا لما جعل سببا لرفع الحرمة به ، لا جائز أن ينهي عنه .
ثم فيه دلالة جواز نكاح المحلل ، فإن سئلنا عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله المحلل والمحلل له ) [ الترمذي : 1119 و 1120 ] .
نقل{[2728]} : لحوق اللعن لأجل النكاح على قصد الفراق والطلاق ليس لأجل التحليل على الأول ورفع الحرمة عنه ؛ دليله قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يحب كل ذواق مطلاق ) [ ابن أبي شيبة : 5/253 ] ، وذلك لقصده الفراق بالنكاح ؛ إذ النكاح بني في الأصل على البقاء والدوام عليه ، وفيه التعفف ، [ وفي ]{[2729]} الطلاق زوال ما به بقصد ، فلهذا لحقه ما لحقه من اللعن .
ثم المحلل له لما طلب بنكاح الزوج الثاني ما ينفر عنه الطباع ، وتكرهه : من{[2730]} عودها إليه بعد مضاجعة غيره{[2731]} إياها واستمتاعه بها ، منع لهذا المعنى عن إيقاع الثالثة ، فإذا{[2732]} تفكر حرمتها عليه إلا بنكاح آخر انزجر عن ذلك . ثم العقد نفسه لا ينفر عنه الطباع ، ولا تكرهه ، ثبت أن الدخول شرك فيه ليكون زجرا ومنعا عن ارتكابه .
وقوله تعالى : { فلا جناح عليهما أن يتراجعا } يخرج على الترخيص ؛ وذلك ، والله أعلم ، أن الطلاق يحرمها عليه ، ويبينها منه ، كما تحرم عليه هي بأنواع الحرم ، فأخبر{[2733]} صلى الله عليه وسلم وأباح له النكاح بعد وقوع الحرمة . إن هذه الحرمة ليست كغيرها من الحرم التي لا ترتفع أبدا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.