{ فإن طلقها } أي : الزوج الثنتين { فلا تحل له من بعد } أي : بعد الطلقة الثالثة { حتى تنكح } أي : تتزوّج { زوجاً غيره } أي : المطلق والنكاح يتناول العقد والوطء ، وتعلق بظاهر الآية من اقتصر على العقد كابن المسيب ، والجمهور على أنه لا بدّ من الإصابة ، لما روى الشيخان ( أن امرأة رفاعة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ رفاعة طلقني وإنّ عبد الرحمن بن الزَّبِير أي : بفتح الزاي وكسر الباء تزوّجني ، وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) ، فالآية مطلقة قيدتها السنة ، ويحتمل أن يفسر النكاح بالإصابة ، ويكون العقد مستفاداً من لفظ الزوج ، والعسيلة مجاز عن قليل الجماع ، إذ يكفي قليل انتشار ، شبهت تلك اللذة بالعسل وصغرت ولحقتها الهاء ؛ لأن الغالب على العسل التأنيث قاله الجوهري .
وروي أنها لبثت ما شاء الله ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : إنّ زوجي قد مسني فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( كذبت في قولك الأوّل فلن أصدقك في الآخر ) فلبثت حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت أبا بكر فقالت : يا خليفة رسول الله أرجع إلى زوجي الأوّل فإنّ زوجي الآخر مسني وطلقني فقال لها أبو بكر : قد شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتيته ، وقال لك ما قال ، فلا ترجعي إليه ، فلما قبض أبو بكر أتت عمر ، وقالت له مثل ذلك فقال لها عمر : لئن رجعت إليه لأرجمنك ) .
والحكمة في التحلل الردع عن المسارعة إلى الطلاق ، والعود إلى المطلقة ثلاثاً والرغبة فيها ، والنكاح بشرط التحليل فاسد عند الأكثر ، وجوّزه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه مع الكراهة ، وقد ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له ) رواه الترمذيّ والنسائيّ وصححه . وعن عمر رضي الله تعالى عنه : لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما .
تنبيه : شملت الآية الكريمة : ما إذا طلق الزوج زوجته الأمة ثلاثاً ثم ملكها ، فإنه لا يحلّ له أن يطأها بملك اليمين ، حتى تنكح زوجاً غيره { فإن طلقها } الزوج الثاني بعدما أصابها { فلا جناح عليهما } أي : المرأة والزوج الأوّل { أن يتراجعا } إلى النكاح بعقد جديد بعد انقضاء العدّة { إن ظنا } أي : إن كان في ظنهما { أن يقيما حدود الله } أي : ما حدّه الله وشرعه من حقوق الزوجية ، هذا هو الأصل ، وإلا فهو ليس بشرط للجواز ولم يقل إن علما أنهما يقيمان ؛ لأنّ اليقين مغيب عنهما لا يعلمه إلا الله .
قال في «الكشاف » ومن فسر الظنّ هنا بالعلم فقد وهم من طريق اللفظ والمعنى ؛ لأنك لا تقول : علمت أن يقوم زيد ، ولكن علمت أنه يقوم ؛ ولأنّ الإنسان لا يعلم ما في الغد وإنما يظنّ ظناً { وتلك } أي : الأحكام المذكورة { حدود الله بينها لقوم يعلمون } أي : يتدبرون ما أمرهم الله تعالى به ويفهمونه ، ويعلمونه بمقتضى العلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.