قوله تعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا } أي : الطلقة الثالثة التي ذكرها سبحانه بقوله : { أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان } أي : فإن وقع منه ذلك ، فقد حرمت عليه بالتثليث { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } أي : حتى تتزوج بزوج آخر . وقد أخذ بظاهر الآية سعيد بن المسيب ، ومن وافقه قالوا : يكفي مجرد العقد ؛ لأنه المراد بقوله : { حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } وذهب الجمهور من السلف ، والخلف إلى أنه لا بدّ مع العقد من الوطء لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من اعتبار ذلك ، وهو زيادة يتعين قبولها ، ولعله لم يبلغ سعيد بن المسيب ، ومن تابعه . وفي الآية دليل على أنه لا بد من أن يكون ذلك نكاحاً شرعياً مقصوداً لذاته لا نكاحاً غير مقصود لذاته ، بل حيلة للتحليل ، وذريعة إلى ردها إلى الزوج الأوّل ، فإن ذلك حرام للأدلة الواردة في ذمه وذمّ فاعله ، وأنه التيس المستعار الذي لعنه الشارع ، ولعن من اتخذه لذلك .
قوله : { فَإِن طَلَّقَهَا } أي : الزوج الثاني : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } أي : الزوج الأول والمرأة { أَن يَتَرَاجَعَا } أي : يرجع كل واحد منهما لصاحبه . قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الحرّ إذا طلق زوجته ثلاثاً ، ثم انقضت عدّتها ، ونكحت زوجاً ، ودخل بها ، ثم فارقها ، وانقضت عدّتها ، ثم نكحها الزوج الأوّل ، أنها تكون عنده على ثلاث تطليقات . قوله : { إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله } أي : حقوق الزوجية الواجبة لكل منهما على الآخر ، وأما إذا لم يحصل ظن ذلك بأن يعلما ، أو أحدهما عدم الإقامة لحدود الله ، أو تردداً ، أو أحدهما ، ولم يحصل لهما الظنّ ، فلا يجوز الدخول في هذا النكاح ؛ لأنه مظنة للمعصية لله ، والوقوع فيما حرّمه على الزوجين . وقوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ الله } إشارة إلى الأحكام المذكورة ، كما سلف ، وخص الذين يعلمون مع عموم الدعوة للعالم ، وغيره ، ووجوب التبليغ لكل فرد ؛ لأنهم المنتفعون بالبيان المذكور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.