الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۗ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (230)

قوله تعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ . . . } [ البقرة :230 ]

قال ابنُ عَبَّاس وغيره : هو ابتداء الطلْقةِ الثالثةِ .

قال : ( ع ) فيجيء التسريحُ المتقدِّم ، ترك المرأة تتمُّ عِدَّتها من الثانية ، وأجمعتِ الأُمَّةُ في هذه النازلةِ على اتباع الحديثِ الصحيحِ ، في امرأة رِفَاعَةَ حِينَ تزوَّجت عبْدَ الرحمنِ بْنَ الزَّبِيرِ ، قال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَعَلَّكِ أَرَدتِّ الرُّجُوعَ إلى رِفَاعَةَ ، لاَ حتى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ) ، فرأَى العلماء أنه لا يُحِلُّها إِلا الوطءُ . وكلُّهم على أن مَغِيبَ الحَشَفة يُحِلُّ ، إِلا الحسنَ بْنَ أبي الحَسَن قال : لا يحلُّها إِلا الإِنزال ، وهو ذَوْقُ العُسَيْلَةَ ، والذي يُحِلُّها عند مالك النكاحُ الصحيحُ ، والوطْء المُباح .

وقوله تعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله }[ البقرة :230 ] .

المعنى : فإِنْ طلَّقها المتزوِّج الثَّاني ، فلا جُنَاح عليهما ، أي : المرأة والزوج الأول ، قاله ابن عَبَّاس ، ولا خلاف فيه ، والظنُّ هنا على بابه من تغليبِ أحد الجائزَيْن ، وخص الذين يعلمون بالذكْر تشريفاً .