{ 11 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
هذا تأديب{[1016]} من الله لعباده المؤمنين ، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم ، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس ، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود .
وليس ذلك بضار للجالس{[1017]} شيئا ، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو ، والجزاء من جنس العمل ، فإن من فسح فسح الله له ، ومن وسع لأخيه ، وسع الله عليه .
{ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا } أي : ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم لحاجة تعرض ، { فَانْشُزُوا } أي : فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة ، فإن القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان ، والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم الله به ، من العلم والإيمان .
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فيجازي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
وفي هذه الآية فضيلة العلم ، وأن زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه .
ثم يأخذ الذين آمنوا بأدب آخر من آداب الجماعة :
( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم : تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم . وإذا قيل : انشزوا فانشزوا ، يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات . والله بما تعملون خبير ) . .
ويظهر من بعض الروايات التي حكت سبب نزول الآية أن لها علاقة واقعية بالمنافقين ، مما يجعل بينها وبين الآيات قبلها أكثر من ارتباط واحد في السياق .
قال قتادة : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأمرهم الله تعالى أن يفسح بعضهم لبعض .
وقال مقاتل بن حيان : أنزلت هذه الآية يوم الجمعة . وكان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق . وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار . فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فقالوا : السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فرد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] عليهم . ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم . فعرف النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ما يحملهم على القيام ، فلم يفسح لهم . فشق ذلك على النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان . وأنت يا فلان . فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار أهل بدر . فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي [ صلى الله عليه وسلم ] الكراهة في وجوههم . فقال المنافقون : ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ? والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء ! إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه . . فبلغنا أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " رحم الله رجلا يفسح لأخيه " . . فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فيفسح القوم لإخوانهم . ونزلت هذه الآية يوم الجمعة .
وإذا صحت هذه الرواية فإنها لا تتنافى مع الأحاديث الأخرى التي تنهى عن أن يقيم الرجل الرجل من مكانه ليجلس فيه . كما جاء في الصحيحين : " لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " . . وما ورد كذلك من ضرورة استقرار القادم حيث انتهى به المجلس . فلا يتخطى رقاب الناس ليأخذ مكانا في الصدر !
فالآية تحض على الإفساح للقادم ليجلس ، كما تحض على إطاعة الأمر إذا قيل لجالس أن يرفع فيرفع . وهذا الأمر يجيء من القائد المسئول عن تنظيم الجماعة . لا من القادم .
والغرض هو إيجاد الفسحة في النفس قبل إيجاد الفسحة في المكان . ومتى رحب القلب اتسع وتسامح ، واستقبل الجالس إخوانه بالحب والسماحة ، فأفسح لهم في المكان عن رضى وارتياح . فأما إذا رأى القائد أن هناك اعتبارا من الاعتبارات يقتضي إخلاء المكان فالطاعة يجب أن ترعى عن طواعية نفس ورضى خاطر وطمأنينة بال . مع بقاء القواعد الكلية مرعية كذلك ، من عدم تخطي الرقاب أو إقامة الرجل للرجل ليأخذ مكانه . وإنما هي السماحة والنظام يقررهما الإسلام . والأدب الواجب في كل حال .
وعلى طريقة القرآن في استجاشة الشعور عند كل تكليف ، فإنه يعد المفسحين في المجالس بفسحة من الله لهم وسعة : ( فافسحوا يفسح الله لكم ) . . ويعد الناشزين الذين يرفعون من المكان ويخلونه عن طاعة لأمر الرسول برفعة في المقام : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) . . وذلك جزاء تواضعهم وقيامهم عند تلقي الأمر بالقيام .
وقد كانت المناسبة مناسبة قرب من الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لتلقي العلم في مجلسه . فالآية تعلمهم : أن الإيمان الذي يدفع إلى فسحة الصدر وطاعة الأمر ، والعلم الذي يهذب القلب فيتسع ويطيع ؛ يؤديان إلى الرفعة عند الله درجات . وفي هذا مقابل لرفعة المكان الذي تطوعوا بتركه ورفعوا عنه لاعتبار رآه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ( والله بما تعملون خبير ) . . فهو يجزي به عن علم ومعرفة بحقيقة ما تعملون ، وبما وراءه من شعور مكنون .
وهكذا يتولى القرآن تربية النفوس وتهذيبها ، وتعليمها الفسحة والسماحة والطاعة بأسلوب التشويق والاستجاشة . فالدين ليس بالتكاليف الحرفية ، ولكنه تحول في الشعور ، وحساسية في الضمير . .
يقول تعالى مؤدبًا عباده المؤمنين ، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ } وقرئ{ في المجلس } ، { فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ } وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح : " من بَنَى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة " {[28409]} وفي الحديث الآخر : " ومن يَسَّر على مُعْسِر يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، [ ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ]{[28410]}والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " {[28411]} ، ولهذا أشباه كثيرة ؛ ولهذا قال :{ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ } .
قال قتادة : نزلت هذه الآية في مجالس{[28412]} الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضَنّوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .
وقال مقاتل ابن حيان : أنزلت هذه الآية يوم جُمُعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم سلموا على القوم بعد ذلك ، فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام ، فلم يُفْسَح لهم ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار ، من غير أهل بدر : " قم يا فلان ، وأنت يا فلان " . فلم يزل يقيمهم بعدد {[28413]} النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون : ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟ والله ما رأيناه قبلُ عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه . فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله رجلا فَسَح{[28414]} لأخيه " . فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا ، فَتَفَسَّحَ القومُ لإخوانهم ، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة . رواه بن أبي حاتم .
وقد قال الإمام أحمد ، والشافعي : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقيم الرَّجُلُ الرَّجُلَ من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تَفَسَّحُوا وتَوسَّعوا " ، وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع ، به{[28415]} .
وقال الشافعي : أخبرنا عبد المجيد ، عن ابن جريج قال : قال سليمان بن موسى ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقيمن أحدُكم أخاه يوم الجمعة ، ولكن ليقل : افسحوا " ، على شرط السنن ولم يخرجوه{[28416]} .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا فُلَيْح ، عن أيوب عن عبد الرحمن بن [ أبي ] {[28417]} صَعْصَعة ، عن يعقوب بن أبي يعقوب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم " {[28418]} .
ورواه أيضًا عن سُرَيج{[28419]} بن يونس ، ويونس بن محمد المؤدب ، عن فُلَيْح ، به ولفظه : " لا يقوم الرجلُ للرجل من مجلسه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم " تفرد به أحمد{[28420]} .
وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال : فمنهم من رخص في ذلك محتجًّا بحديث : " قوموا إلى سيدكم " {[28421]} ، ومنهم من منع من ذلك محتجًّا بحديث : " من أحَبَّ أن يَتَمثَّلَ له الرجال قيامًا فَلْيَتبوَّأ مَقْعَدَه من النار " {[28422]} ، ومنهم من فصل فقال : يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبي صلى الله عليه وسلم حاكمًا في بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين : " قوموا إلى سيدكم " وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ، والله أعلم . فأما اتخاذه ديدنًا فإنه من شعار العجم . وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته{[28423]} لذلك {[28424]} {[28425]} .
وفي الحديث المروي في السنن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة ، رضي الله عنهم ، يجلسون منه على مراتبهم ، فالصديق يجلسه عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبًا عثمان وعلي ؛ لأنهما كانا ممن يكتب{[28426]} الوحي ، وكان يأمرهما بذلك ، كما رواه مسلم من حديث الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي مَعْمَر ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لِيَليني منكم أولوا الأحلام والنُّهَى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " {[28427]} وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله ، صلوات الله وسلامه عليه ؛ ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر ، إما لتقصير أولئك في حق البدريين ، أو ليأخذ البدريون من العلم بنصيبهم ، كما أخذ أولئك قبلهم ، أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، عن الأعمش ، عن عُمَارة بن عمير{[28428]} التيمي{[28429]} عن أبي معمر ، عن أبي مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . قال أبو مسعود{[28430]} فأنتم اليوم أشد اختلافًا . وكذا رواه مسلم وأهل السنن ، إلا الترمذي ، من طرق عن الأعمش ، به{[28431]} .
وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء{[28432]} ثم العلماء ، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة .
وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقيموا الصفوف ، وحَاذُوا بين المناكب ، وسُدّوا الخلل ، ولِينُوا بأيدي إخوانكم ، ولا تَذَروا فرجات للشيطان ، ومن وَصَل صفًّا وصله الله ، ومن قطع صفّا قطعه الله " {[28433]} .
ولهذا كان أبي بن كعب - سيد القراء - إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء {[28434]} الناس ، ويدخل هو في الصف المقدم ، ويحتج بهذا الحديث : " ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى " . وأما عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه ، عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه . ولنقتصر على هذا المقدار{[28435]} من الأنموذج المتعلق بهذه الآية ، وإلا فبسطه يحتاج{[28436]} إلى غير هذا الموضع ، وفي الحديث الصحيح : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه " {[28437]} .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عَتَّاب بن زياد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .
ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث أسامة بن زيد الليثي ، به{[28438]} وحسنه الترمذي .
وقد رُوي عن بن عباس ، والحسن البصري وغيرهما أنهم قالوا{[28439]} في قوله تعالى :{ إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا } {[28440]} يعني : في مجالس الحرب ، قالوا : ومعنى قوله :{ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا } أي : انهضوا للقتال .
وقال قتادة :{ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا } أي : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .
وقال مقاتل [ بن حيان ]{[28441]} إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كانوا إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده ، فربما يشق{[28442]} ذلك عليه - عليه السلام - وقد تكون له{[28443]} الحاجة ، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا ، كقوله :{ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا } [ النور : 28 ] {[28444]} .
وقوله :{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أي : لا تعتقدوا أنه إذا فَسَح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ، أو إذا أمر بالخروج فخرج ، أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ومزية{[28445]} عند الله ، والله تعالى لا يضيع ذلك له ، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة ، فإن من تواضع لأمر الله رَفَع الله قدره ، ونَشَر ذكره ؛ ولهذا قال :{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }أي : خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه .
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزي . قال : وما ابن أبزي ؟ فقال : رجل من موالينا ، فقال عمر [ بن الخطاب ]{[28446]} استخلفت عليهم مولى ؟ . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض ، فقال عمر ، رضي الله عنه : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : " إن الله يرفع بهذا الكتاب قومًا ويضع به آخرين " {[28447]} .
وهكذا رواه مسلم من غير وجه ، عن الزهري ، به{[28448]} وقد ذكرت{[28449]} فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح " كتاب العلم " من صحيح البخاري ، ولله الحمد والمنة .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المَجالِسِ يعني بقوله تفسّحُوا توسعوا من قولهم مكان فسيح إذا كان واسعا .
واختلف أهل التأويل في المجلس الذي أمر الله المؤمنين بالتفسح فيه ، فقال بعضهم : ذلك كان مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : تَفَسّحُوا فِي المجالس قال : مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقال ذاك خاصة .
حدثنا الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المجالس . . . } الآية ، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المجالس قال : كان هذا للنبيّ صلى الله عليه وسلم ومن حوله خاصة يقول : استوسعوا حتى يصيب كلّ رجل منكم مجلسا من النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وهي أيضا مقاعد للقتال .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله تَفَسّحُوا فِي المَجْلِسِ قال : كان الناس يتنافسون في مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم فقيل لهم : { إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المَجْلِس فافْسَحُوا } .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المَجالِس فافْسَحُوا يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ } قال : هذا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان الرجل يأتي فيقول : افسحوا لي رحمكم الله ، فيضنّ كلّ أحد منهم بقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم الله بذلك ، ورأى أنه خير لهم .
وقال آخرون : بل عُنِي بذلك في مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُوا فِي المجالس يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ قال : ذلك في مجلس القتال .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسحوا في المجلس ، ولم يخصص بذلك مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم دون مجلس القتال ، وكلا الموضعين يقال له مجلس ، فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجالس القتال .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { تَفَسّحُوا فِي المجْلِسِ } على التوحيد غير الحسن البصري وعاصم ، فإنهما قرآ ذلك فِي المَجالِسِ على الجماع ، وبالتوحيد قراءة ذلك عندنا لإجماع الحجة من القرّاء عليه .
وقوله : { فافْسَحُوا }يقول : فوسعوا يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ يقول : يوسع الله منازلكم في الجنة { وإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا }يقول تعالى ذكره : وإذا قيل ارتفعوا ، وإنما يُراد بذلك : وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدوّ ، أو صلاة ، أو عمل خير ، أو تفرّقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقوموا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا إلى وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلونَ خَبِيرٌ }قال : إذا قيل : انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { فانْشُزُوا }قال : إلى كلّ خير ، قتال عدّو ، أو أمر بالمعروف ، أو حقّ ما كان .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا }يقول : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا . وقال الحسن : هذا كله في الغزو .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا }كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال ، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها ، يقوموا إليها .
وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { وَإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا }قال : انشزوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا في بيته إذا قيل انشزوا ، فارتفعوا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فإن له حوائج ، فأحبّ كلّ رجل منهم أن يكون آخر عهده برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وَإذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا } .
وإنما اخترت التأويل الذي قلت في ذلك ، لأن الله عزّ وجلّ أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا ، أن ينشزوا ، فعمّ بذلك الأمر جميع معاني النشوز من الخيرات ، فذلك على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له .
واختلفت القرّاء في قراة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة فانْشُزُوا بضم الشين ، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسرها .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، ولغتان مشهورتان بمنزلة يعكُفون ويعكِفون ، ويعرُشون ويعرشون ، فبأيّ القراءتين قرأ القاريء فمصيب .
وقوله : { يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا العِلْم دَرَجاتٍ }يقول تعالى ذكره : يرفع الله المؤمنين منكم أيها القوم بطاعتهم ربهم فما أمرهم به من التفسح في المجلس إذا قيل لهم تفسحوا ، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها ، ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الذين يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات ، إذا عملوا بما أمروا به ، كما : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا العِلْم دَرَجاتٍ } إن بالعلم لأهله فضلاً ، وإن له على أهله حقا ، ولعمري للحقّ عليك أيها العالم فضل ، والله معطي كل ذي فضل فضله .
وكان مطرف بن عبد الله بن الشّخّير يقول : فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع .
وكان عبد الله بن مطرف يقول : إنك لتلقى الرجلين أحدهما أكثر صوما وصلاة وصدقة ، والاَخر أفضل منه بونا بعيدا ، قيل له : وكيف ذاك ؟ فقال : هو أشدّهما ورعا لله عن محارمه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا العِلْم دَرَجاتٍ }في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به .
وقوله : { واللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }يقول تعالى ذكره : والله بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة ، لا يخفى عليه المطيع منكم ربه من العاصي ، وهو مجاز جميعكم بعمله المحسن بإحسانه ، والمسيىء بالذي هو أهله ، أو يعفو .
قرأ جمهور الناس : «تفسحوا » ، وقرأ الحسن وداود بن أبي هند{[11008]} : «تفاسحوا » ، وقرأ جمهور القراء : «في المجلس » ، وقرأ عاصم وحده وقتادة وعيسى : «في المجالس » . واختلف الناس في سبب الآية والمقصود بها ، فقال ابن عباس ومجاهد والحسن : نزلت في مقاعد الحرب والقتال .
وقال زيد بن أسلم وقتادة : نزلت بسبب تضايق الناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنهم كانوا يتنافسون في القرب منه وسماع كلامه والنظر إليه ، فيأتي الرجل الذي له الحق والسن والقدم في الإسلام فلا يجد مكاناً ، فنزلت بسبب ذلك . وقال مقاتل : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً ليجلس أشياخ من أهل بدر ونحو ذلك فنزلت الآية ، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يقم أحد من مجلسه ثم يجلس فيه الرجل ولكن تفسحوا يفسح الله لكم »{[11009]} ، وقال بعض الناس : إنما الآية مخصوصة في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم في سائر المجالس ، ويدل على ذلك قراءة من قرأ : «في المجلس » ، ومن قرأ «في المجالس » فذلك مراده أيضاً لأن لكل أحد مجلساً في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وموضعه فتجمع لذلك ، وقال جمهور أهل العلم : السبب مجلس النبي عليه السلام ، والحكم في سائر المجالس التي هي للطاعات ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أحبكم إلى الله ألينكم مناكب في الصلاة وركباً في المجالس »{[11010]} ، وهذا قول مالك رحمه الله وقال : ما أرى الحكم إلا يطرد في مجالس العلم ونحوها غابر الدهر ، ويؤيد هذا القول قراءة من قرأ : «في المجالس » ، ومن قرأ : «في المجلس » فذلك على هذا التأويل اسم جنس فالسنة المندوب إليها هي التفسح والقيام منهي عنه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث نهى أن يقوم الرجل فيجلس الآخر مكانه ، فأما القيام إجلالاً فجائز بالحديث قوله عليه السلام حين أقبل سعد بن معاذ : «قوموا إلى سيدكم »{[11011]} ، وواجب على المعظم ألا يحب ذلك ويأخذ الناس به لقوله عليه السلام : «من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار »{[11012]} .
وقوله تعالى :{ يفسح الله لكم } معناه : في رحمته وجنته ، وقوله تعالى : { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } معناه : إذا قيل لكم ارتفعوا وقوموا فافعلوا ذلك ، ومنه نشوز العظام أي نباتها ، والنشز من الأرض المرتفع ، واختلف الناس في هذا النشوز الذي أمروا بامتثاله إذا دعوا إليه . فقال الحسن وقتادة والضحاك معناه : إذا دعوا إلى قتال أو طاعة أو صلاة ونحوه ، وقال آخرون معناه : إذا دعوا إلى القيام عن النبي عليه السلام لأنه كان أحياناً يحب الانفراد في آمر الإسلام فربما جلس قوم وأراد كل واحد أن يكون آخر الناس عهداً بالنبي عليه السلام ، فنزلت الآية آمرة بالقيام عنه متى فهم ذلك بقول أو فعل ، وقال آخرون معناه : { انشزوا } في المجلس بمعنى التفسح لأن الذي يريد التوسعة يرتفع إلى فوق في الهواء فإذا فعل ذلك جملة اتسع الموضع ، فيجيء { انشزوا } في غرض واحد مع قوله { تفسحوا } ، وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم : «انشُزوا » برفع الشين وهي قراءة أبي جعفر وشيبة والأعرج .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بكسر السين فيهما ، وهي قراءة الحسن والأعمش وطلحة . يقال : نشز ينشِز كحشر يحشِر ويحشُر وعكف يعكِف ويعكُف . وقوله{ يرفع الله } جواب الأمر ، واختلف الناس في ترتيب قوله تعالى :{ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، فقال جماعة من المتأولين المعنى :{ يرفع الله } المؤمنين العلماء منكم{ درجات } ، فلذلك أمر بالتفسح من أجلهم ، ويجيء على هذا قوله :{ والذين أوتوا العلم } بمنزلة قولك جاءني العاقل والكريم والشجاع ، وأنت تريد بذلك رجلاً واحداً ، وقال آخرون المعنى :{ يرفع الله } المؤمنين والعلماء الصنفين جميعاً { درجات } ، لكنا نعلم تفاضلهم في الدرجات من مواضع أخرى ولذلك جاء الأمر بالتفسح عاماً للعلماء وغيرهم ، وقال عبد الله بن مسعود وغيره :{ يرفع الله الذين آمنوا منكم } وتم القول ، ثم ابتدأ بتخصيص العلماء بالدرجات ونصبهم بإضمار فعل ، فالمؤمنون رفع على هذا التأويل وللعلماء درجات ، وعلى هذا التأويل قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع ، ثم توعد تعالى وحذر بقوله : { والله بما تعملون خبير } .