تفسير الأعقم - الأعقم  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (11)

{ يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس } الآية نزلت في قوم كانوا يتنافسون في مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإذا رأوا من جاءهم ضيقوا مجلسهم وأبوا أن يفسح بعضهم لبعض ، وقيل : كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الصفة يوم الجمعة وفي المكان ضيق ، فجاء أناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكرم أهل بدر وسلموا وقاموا ينظرون أين يوسع لهم ، فلم يفعلوا ، فأقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأقعدهم ، فكرهوا ذلك وشقّ عليهم ، وقال المنافقون : ما عول على هؤلاء حيث أقامهم فنزلت ، وقيل : نزلت في مجلس الحرب وكانوا يشاحون على الصف الأول حرصاً على الجهاد ، والمراد تفسحوا في المجلس توسعوا فيه وتنفسحن بعضكم عن بعض ، من قولهم : افسح عني أي تنح ، والمراد مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكانوا يتصافون فيه حرصاً على القرب منه وحرصاً على استماع كلامه ، وقيل : هو المجلس من مجالس القتال ، وكان الرجل يأتي الصف فيقول : افسحوا ، فيأبوا لحرصهم على الشهادة ، وقرئ المجالس بفتح اللام وهو الجلوس أي توسعون في جلوسكم ولا تضايقوا فيه { يفسح الله لكم } مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك ، { وإذا قيل انشزوا } انهضوا للتوسعة على المقبلين ، معناه إذا قيل لكم ارفعوا وتحركوا أو فرقوا ووسعوا على إخوانكم ، وقيل : إذا قيل ارتفعوا فافعلوا ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يرفع أهل العلم في مجلسه ، وقيل : إذا قيل : انهضوا إلى الصلاة وعمل الخير والجهاد { فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا } بطاعته لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { والذين أوتوا العلم درجات } قيل : هو رفعة المجلس والترتيب فيه ، وقيل : المراد درجات الثواب في الجنة ، وعن عبد الله بن مسعود ( رضي الله عنه ) أنه كان إذا قرأها قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبنكم في العلم ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حصر الجواد المضمر سبعين سنة " ، وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " فضل العالم على العابد فضل القمر ليلة البدر على الكواكب " وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء " ، وعن ابن عباس : خيّر سليمان بين العلم والمال فاختار العلم وأعطي المال والملك معه ، وعنه ( عليه السلام ) : " أوحى الله إلى إبراهيم ( عليه السلام ) أني عليم أحب كل عليم " ، وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم ، وأي شيء فات من أدرك العلم .