الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (11)

وقرأ نافع وابن عامر وحفص وأبو بكرٍ بخلافٍ عنه بضم شين " انشُزوا " في الحرفَيْن ، والباقون بكسرِها ، وهما لغتان بمعنىً واحد . يُقال : نَشَزَ أي ارتفع يَنْشِز ويَنْشُزُ كعَرَش يَعْرِش ويَعْرُش ، وعَكَفَ يَعْكِف ويَعْكُف . وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المادة في البقرة .

قوله : { فِي الْمَجَالِسِ } قرأ عاصم " المجالس " جمعاً اعتباراً بأنَّ لكلِّ واحدٍ منهم مجلساً ، والباقون بالإِفراد ، إذ المرادُ مجلسُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، وهو أحسنُ مِنْ كونِه واحداً أريد به الجمعُ . وقُرىء " في المجلَس " بفتح اللام وهو المصدرُ أي : تَفَسَّحوا في جلوسِكم ولا تتضايَقوا . وقرأ الحسن وداود بن أبي هند وعيسى وقتادة " تَفاسَحُوا " والفُسْحَةُ : السَّعَةُ . وفَسَح له أي : وسَّعَ له .

قوله :{ وَالَّذِينَ أُوتُواْ } يجوز أَنْ يكونَ معطوفاً على " الذين آمنوا " ، فهو مِنْ عطفِ الخاصِّ على العامِّ ؛ لأن الذين أُوْتوا العلمَ بعضُ المؤمنين منهم . ويجوزُ أَنْ يكونَ { والذين أُوْتُوا } مِنْ عطفِ الصفاتِ أي : تكونُ الصفاتُ لذاتٍ واحدةٍ ، كأنه قيل : يرفعُ الله المؤمنين العلماءَ . و " دَرَجاتٍ " مفعولٌ ثانٍ ، وقد تقدَّم الكلامُ على نحوِ ذلك في الأنعام . وقال ابنُ عباس : تمَّ الكلامُ عند قولِه " منكم " وينتصِبُ " الذين أُوْتُوا " بفعلٍ مضمرٍ أي : ويَخُصُّ الذين أوتوا العلمَ بدرجات ، أو ويرْفعُهم درجاتٍ .