بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِيٓ إِلَيۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ} (37)

ثم قال تعالى : { رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى } يعني : أنزلت بعض ذريتي ، وهو إسماعيل عليه السلام { بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ } يعني : بأرض مكة ، وذلك أن لسارة كانت جارية يقال لها : هاجر ، فوهبتها من إبراهيم ، فولدت منه إسماعيل ، فغارت سارة ، وناشدته أن يخرجها من أرض الشام ، فأخرجهما إبراهيم عليه السلام إلى أرض مكة ، ثم رجع إلى سارة . فلما كبر إسماعيل ، رجع إبراهيم إليه ، وبنى معه البيت . فذلك قوله : { رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ } يعني : بأرض ليس فيها زرع { عِندَ بَيْتِكَ المحرم } يعني : حرم فيه القتال والاصطياد ، وأن يدخل فيه أحد بغير إحرام وغير ذلك ، { رَّبَّنَا ليقيموا الصلاة } يعني : ليتموا الصلاة ، وإنما ذكر الصلاة خاصة ، لأنها أولى العبادات وأفضلها { فاجعل أَفْئِدَةً مّنَ الناس تَهْوِى إِلَيْهِمْ } يعني : تشتاق إليهم . قال مجاهد : لو قال إبراهيم : أفئدة الناس لزاحمتكم الروم وفارس . ولكنه قال : { أَفْئِدَةً مّنَ الناس } وقال سعيد بن جبير : لو قال إبراهيم أفئدة الناس لحجت اليهود والنصارى ، ولكن قال : { أَفْئِدَةً مّنَ الناس } { وارزقهم } يعني : أطعمهم { مّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } يعني : لكي يشكروا .