ثم قال : { رَّبَّنَا إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِي } قال الفراء : من للتبعيض ، أي : بعض ذرّيتي . وقال ابن الأنباري : إنها زائدة ، أي : أسكنت ذرّيتي ، والأوّل أولى ؛ لأنه إنما أسكن إسماعيل وهو بعض ولده { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } أي : لا زرع فيه ، وهو وادي مكة { عِندَ بَيْتِكَ المحرم } أي : الذي يحرم فيه ما يستباح في غيره ؛ وقيل : إنه محرّم على الجبابرة . وقيل : محرم من أن تنتهك حرمته ، أو يستخفّ به ، وقد تقدم في سورة المائدة ما يغني عن الإعادة ، ثم قال : { ربنا ليقيموا الصلاة } اللام متعلقة بأسكنت ، أي : أسكنتهم ليقيموا الصلاة فيه ، متوجهين إليه ، متبركين به ، وخصها دون سائر العبادات لمزيد فضلها ، ولعلّ تكرير النداء لإظهار العناية الكاملة بهذه العبادة { فاجعل أَفْئِدَةً مّنَ الناس تَهْوِى إِلَيْهِمْ } الأفئدة جمع فؤاد ، وهو القلب ، عبر به عن جميع البدن ؛ لأنه أشرف عضو فيه . وقيل : هو جمع وفد والأصل أوفدة ، فقدّمت الفاء ، وقلبت الواو ياء ، فكأنه قال : وجعل وفوداً من الناس تهوي إليهم ، و«من » في { من الناس } للتبعيض . وقيل : زائدة ، ولا يلزم منه أن يحج اليهود والنصارى بدخولهم تحت لفظ الناس ؛ لأن المطلوب توجيه قلوب الناس إليهم للسكون معهم والجلب إليهم ، لا توجيهها إلى الحجّ ، ولو كان هذا مراداً لقال تهوي إليه ، وقيل : من للابتداء كقولك : القلب مني سقيم ، يريد قلبي ، ومعنى { تهوي إليهم } : تنزع إليهم ، يقال : هوى نحوه : إذا مال ، وهوت الناقة تهوي هوياً فهي هاوية : إذا عدت عدواً شديداً كأنها تهوي في بئر ، ويحتمل أن يكون المعنى : تجيء إليهم أو تسرع إليهم ، والمعنى : متقارب ، { وارزقهم مّنَ الثمرات } أي : أرزق ذريتي الذين أسكنتهم هنالك ، أو هم ومن يساكنهم من الناس من أنواع الثمرات التي تنبت فيه ، أو تجلب إليه { لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } نعمك التي أنعمت بها عليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.