قوله عز وجل : { الزانية والزانى } ؛ وقرأ بعضهم : { الزانية } بالنصب على معنى : اجلدوا الزانية والزاني ، وهكذا السارق والسارقة بالنصب على هذا المعنى ؛ ويقال : في الزنى بدأ بذكر المرأة ، لأن الزنى في النساء أكثر ؛ وفي السرقة بدأ بالرجال ، لأن السرقة في الرجال أكثر . وقراءة العامة بالرفع على معنى الابتداء ، وقيل : إنما بدأ بالمرأة ، لأنها أحرص على الزنى من الرجال ؛ ويقال : لأن الفعل ينتهي إليها ، ولا يكون إلا برضاها .
ثم قال : { فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } ، يعني : إذا كانا غير محصنين ؛ { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ الله } . قرأ ابن كثير { رَآفَةٌ } بالهمزة والمد ، وقرأ أبو عمرو بالمد بغير همز ؛ وقرأ الباقون بالهمز بلا مد ؛ ومعنى الكل واحد وهو الرحمة ؛ وقال بعضهم : الرأفة اسم جنس ، والرحمة اسم نوع . قال بعضهم : الرأفة للمذنبين ، والرحمة للتائبين ، وهو قول سفيان الثوري ؛ وقال بعضهم : الرأفة تكون دفع المكروه ، والرحمة إيصال المحبوب ، يعني : لا تحملنكم الشفقة عليهما على ترك الحد ، { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله } ؛ يعني : في دين الله ، أي في حكم الله { إن كنتم تؤمنون بالله ، واليوم الآخر } ؛ يعني : يوم القيامة .
وإنما سمي اليوم الآخر ، لأنه لا يكون بعده ليل ولا نهار ، فيصير كله بمنزلة يوم واحد ؛ وقد قيل : إنه تجتمع الأنوار كلها ، وتصير في الجنة يوماً واحداً ، وجمعت الظلمات كلها في النار ، وتصير كلها ليلة واحدة .
ثم قال : { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين } ، يعني : ليحضر عند إقامة الحد طائفة من المؤمنين . وفي حضور الطائفة ثلاث فوائد : أولها أنهم يعتبرون بذلك ، ويبلغ الشاهد الغائب والثانية أن الإمام إذا احتاج إلى الإعانة أعانوه ، والثالثة لكي يستحي المضروب ، فيكون زجراً له من العود إلى مثل ذلك الفعل ؛ وقال الزهري : الطائفة ثلاثة فصاعداً ، وذكر عن أنس بن مالك أنه قال : أربعة فصاعداً ، لأن الشهادة على الزنى لا تكون أقل من أربعة ؛ وقال بعضهم : اثنان فصاعداً ؛ وقال بعضهم : الواحد فصاعداً ؛ وهو قول أهل العراق ؛ وهو استحباب وليس بواجب ، وروي عن ابن عباس أنه قال : رجلان ، وعن مجاهد قال : واحد فما فوقه طائفة ؛ وروي عن ابن عباس مثله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.