بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَيۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَآبَّةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82)

قوله عز وجل : { وَإِذَا وَقَعَ القول عَلَيْهِم } يعني : إذا وجب عليهم العذاب والسخط وذلك حين لا يقبل الله من كافر إيمانه ، ولم يبق إلا من يموت كافراً في علم الله تعالى { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مّنَ الأرض تُكَلّمُهُمْ } بما يسوءهم يعني : الدابة التي تكلم الناس ، وخروجها من أول أشراط الساعة . { إِنَّ الناس } قرأ عاصم وحمزة والكسائي { أَنَّ } بالنصب . وقرأ الباقون بالكسر ، فمن قرأ بالنصب يكون حكاية قول الدابة . ومعناه : تكلمهم بأن الناس { كَانُوا بئاياتنا لاَ يُوقِنُونَ } أي : لا يؤمنون بآيات ربهم وهو خروج الدابة ، ومن قرأ بالكسر يكون بمعنى الابتداء ، ويتم الكلام عند قوله تكلمهم . ثم يقول الله تعالى : { إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } يعني : لا يؤمنون . قال أبو عبيد حدّثنا هشام عن المغيرة أن أبا زرعة بن عمر وابن عباس ، قرأها { تَكلمُهُمْ } بنصب التاء ، وكسر اللام ، وبسكون الكاف ، والتخفيف يعني : تسمهم ، فيتبين الكافر من المؤمن قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : وحدثني الثقة عن أبي بكر الواسطي ، عن إبراهيم بن يوسف ، عن محمد بن الفضل الضبي ، عن أبيه عن سعيد بن مسروق ، عن ابن عمر رضي الله عنهم قال ألا أريكم المكان الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم تخرج الدابة منه فضرب بعصاه قبل الشق الذي في الصفا وقال : إنها ذات زغب وريش ، وإنها لتخرج تلبها أول ما تخرج ، كحضر الفرس الجواد ثلاثة أيام ولياليهن ، وإنها لتدخل عليهم ؛ وإنهم ليفرون منها إلى المساجد ، فتقول : أترون أن المساجد تنجيكم مني .

وروى مقاتل قال : تخرج الدابة من الصفا ، ولا يخرج إلا رأسها وعنقها ، فتبلغ رأسها السحاب ، فيراه أهل المشرق والمغرب ، ثم تقاد إلى مكانها ، ثم تزلزل الأرض في ذلك اليوم في ست ساعات ، فيمسون خائفين ، فإذا أصبحوا جاءهم الصريخ بأن الدجال قد خرج .

وروي عن أبي هريرة أنه قال : تخرج الدابة ومعها عصا موسى ، وخاتم سليمان عليهما السلام فتجلو وجه المؤمن بعصا موسى ، وتختم وجه الكافر بخاتم سليمان ثم تقول لهم : يا فلان أنت من أهل الجنة ، ويا فلان أنت من أهل النار ، فترى أهل البيت مجتمعين على خوانهم يقول لهذا يا مؤمن ، ولهذا يا كافر .

وروى ابن جريج عن أبي الزبير قال : رأسها رأس ثور ، وعيناها عينا خنزير ، وأذناها أذنا فيل ، وقرناها أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هرة ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين منها اثني عشر ذراعاً بذراع آدم عليه السلام تخرج ومعها عصا موسى ، وخاتم سليمان ، فتنكت على وجه المؤمن حتى يبيض ، وتختم على وجه الكافر بخاتم سليمان حتى يسود ، فيعرف المؤمن من الكافر .

وروي عن عبد الله بن عمر أنه قال : تنكت في وجه الكافر نكتة سوداء ، فتفشو في وجهه حتى يبيض وجهه ، ويتابعون في الأسواق ، فيعرفون المؤمن من الكافر .