غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَيۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَآبَّةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82)

67

ثم هدد المكلفين بذكر طرف من أشراط الساعة وما بعدها فقال { وإذا وقع القول } أي دنا وشارف أن يحصل مؤاده ومفهومه { عليهم } وهو ما وعدوا به من قيام الساعة والعذاب { أخرجنا لهم دابة من الأرض } وهي الجساسة . وقد تكلم علماء الحديث فيها من وجوه : أحدها في مقدار جسمها . فقيل : إن طولها ستون ذراعاً . وقيل : إن رأسها يبلغ السحاب . وعن أبي هريرة : ما بين قرنيها فرسخ للراكب . وثانيها في كيفية خلقتها فروي لها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان . وعن ابن جريج في وصفها رأس ثور وعين خنزير وأذن فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هر وذنب كبش وخف بعير وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعاً . وثالثها في كيفية خروجها ؛ عن علي رضي الله عنه أنها تخرج ثلاثة أيام والناس ينظرون فلا يخرج إلا ثلثها . وعن الحسن : لا يتم خروجها إلا بعد ثلاثة أيام . ورابعها مكان خروجها ، " سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أين تخرج الدابة ؟ فقال : من أعظم المساجد حرمة على الله " يعني المسجد الحرام . وقيل : تخرج من الصفا فتكلمهم بالعربية . وخامسها في عدد خروجها ؛ روي أنها تخرج ثلاث مرات تخرج بأقصى اليمن ثم تكمن ثم تخرج بالبادية ، ثم تكمن دهراً طويلاً فبينا الناس في أعظم المساجد حرمة وأكرمها على الله فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد ، فقوم يهربون وقوم يقفون نظارة . وسادسها فيما يصدر عنها من الآثار والعجائب فظاهر الآية أنها تكلم الناس ، وفحوى الكلام { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } قال جار الله : معناه أن الناس كانوا لا يوقنون بخروجي لأن خروجها من الآيات . ومن قرأ ( إن ) مكسورة فقولها حكاية قول الله فلذلك قالت { بآياتنا } أو المعنى بآيات ربنا فحذف المضاف أو سبب الإضافة اختصاصها بالله كما يقول بعض خاصة الملك : خيلنا وبلادنا . وإنما هي خيل مولاه وبلاده . عن السدي : تكلمهم ببطلان الأديان كلها سوى دين الإسلام . وعن ابن عمر : تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه ثم تستقبل المشرق ثم الشام ثم اليمن فتفعل مثل ذلك . روي بينا عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون وإذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل وينشق الصفا مما يلي المسعى فتخرج الدابة من الصفا ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه ويكتب بين عينيه " مؤمن " وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه ويكتب بين عينيه " كافر " . وروي أنها تقول لهم : يا فلان أنت من أهل الجنة ويا فلان أنت من أهل النار . وقيل : تكلمهم من الكلم على معنى التبكيت والمراد به الجرح وهو الوسم بالعصا والخاتم .

/خ93