الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَيۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَآبَّةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82)

ثم قال تعالى{[52915]} : { وإذا وقع القول عليهم }[ 84 ] ، أي إذا{[52916]} وجب على المختلفين من بني إسرائيل والمشركين من العرب وغيرهم ، غضب من الله جل ذكره ، إذا لم يكن في علم الله منهم راجع عن كفره{[52917]} ، ولا تائب من ضلالة{[52918]}

{ أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم }[ 84 ] . أي تخبرهم وتحدثهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون .

وقرأ{[52919]} ابن عباس ، وعكرمة ، وعاصم{[52920]} الجحدري وطلحة{[52921]} : { تكلمهم }

بفتح التاء وتسكين الكاف من كلمه إذا جرحه أي تسمهم .

قال مجاهد : وقع القول : حق القول{[52922]} .

وقال قتادة : وجب القول{[52923]} .

وقال{[52924]} ابن جريج{[52925]} : القول : العذاب .

وقال قتادة : القول : الغضب{[52926]} .

وخروج الدابة في قول جماعة من العلماء ، إنما يكون{[52927]} حين لا يأمر الناس بمعروف{[52928]} ، ولا ينهون عن منكر{[52929]} .

قال{[52930]} ابن عمر وغيره{[52931]} : وخروجها والله أعلم بعد خروج الدجال ، لأن الدجال يخرج فيفتن{[52932]} الناس به إلا من شاء الله ، ثم يقتله عيسى{[52933]} ابن مريم{[52934]} ، وتصير الأديان دينا واحدا وهو الإسلام ، ثم تحدث الحوادث ، وتتغير الأمور بعد موت عيسى عليه السلام{[52935]} ، فتخرج الدابة فتسم الكافر بسواد في وجهه ، والمؤمن{[52936]} ببياض في وجهه .

وقد قال الضحاك-في صفة الدجال : إنه وافر الشارب ، لا لحية{[52937]} له رأسه كالقلة العظيمة طول{[52938]} وجهه ذراعان ، وقامته في السماء ثمانون ذراعا{[52939]} ، وعرض ما بين منكبيه ثلاثون ذراعا ، ثيابه ، وخفاه ، وسيفه وسرجه ، ولجامه : بالذهب والجوهر على رأسه تاج مرصع بالذهب والجوهر ، في{[52940]} يده ظبرزين هيئته هيئة{[52941]} المجوس ، قوسه{[52942]} الفارسية ، وكلامه بالفارسية{[52943]} ، تطوى له الأرض ولأصحابه{[52944]} طيا طيا ، يطأ مجامعها ، ويرد مياهها إلا المساجد الأربعة : مسجد مكة ، ومسجد المدينة{[52945]} ، ومسجد بين المقدس{[52946]} ، ومسجد الطور{[52947]} ، فخروج الدابة هو آخر الآيات{[52948]} / و{[52949]}هو معنى قوله تعالى{[52950]} : { يوم ياتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها }{[52951]} و{[52952]}هو خروج الدابة .

وروي{[52953]}-{[52954]} أنه ترفع عند ذلك التوبة ، وتخبر الكافر أنه كافر ، والمؤمن أنه مؤمن .

وروي{[52955]} : أنه يجعل الله لها من الطول ما تشرف{[52956]} به على الناس{[52957]} لتكلمهم{[52958]} بكلام{[52959]} يفهمونه ، ويسمعونه ، وتخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله{[52960]} لا يوقنون ، وينغلق عند ذلك باب العمل ويجهل فلا ترى عالما{[52961]} بالدين ، ويحصل{[52962]} كل امرئ على ما قدم{[52963]} من خير أو شر . وهو معنى قوله : { وإذا وقع{[52964]} القول عليهم{[52965]} } أي وجب عمله{[52966]} كل امرئ لنفسه إن خيرا فخير{[52967]} . وإن شرا فشر .

قال ابن عمر{[52968]} : تخرج{[52969]} الدابة من صدع في الصفا{[52970]} .

وروى حذيفة عن{[52971]} النبي صلى الله عليه وسلم أنه{[52972]} قال{[52973]} : تخرج الدابة من{[52974]} أعظم المساجد حرمة على الله ، بينما عيسى بن{[52975]}مريم{[52976]} يطوف بالبيت ومعه المسلمون ، إذ تضطرب الأرض تحتهم ، تحرك القنديل ، وينشف الصفا مما يلي المسعى ، وتخرج الدابة من الصفا ، أول ما يبدو{[52977]} رأسها ، ملصقة ذات وبر وريش ، لن يدركها طالب ولا{[52978]} يفوتها هارب ، تسم الناس مؤمن وكافر ، أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري ، وتكتب بين عينيه نكتة بيضاء{[52979]} مؤمن ، وأما الكافر فتكتب بين عينيه نكتة{[52980]} سوداء كافر{[52981]} .

روى{[52982]} أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان وعصا موسى ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتختم أنف الكافر بخاتم ، ثم إن أهل الدار يجتمعون فيقولون هنا يا مؤمن ويقول هنا يا كافر .

وقد كثرت في ذلك الأخبار عن حذيفة{[52983]} وابن عمر{[52984]} كلها ترجع إلى معنى هذا الحديث{[52985]} .

ويروى{[52986]} أن موسى صلى الله عليه وسلم : سأل الله تعالى{[52987]} أن يريه الدابة ، فمكث ثلاثة أيام ، وثلاث ليال لا{[52988]} يظهر منها إلا رأسها ، وعنقها ، وظهرها .

وعن{[52989]} ابن عمر أنه قال{[52990]} : تخرج الدابة من شعب{[52991]} فيمس رأسها{[52992]} السحاب ، ورجلاها{[52993]} في الأرض ما خرجتا{[52994]} ، فتمر بالإنسان يصلي فتقول : ما الصلاة{[52995]} من حاجتك{[52996]} فتخطمه . قال : وتخرج ومعها خاتم سليمان وعصا موسى . فأما الكافر فتختم بين عينيه بخاتم سليمان فيسود{[52997]} ، وأما المؤمن فتمسح وجهه بعصا موسى فيبيض{[52998]} .

قال ابن عباس{[52999]} : هي والله{[53000]} تكلمهم وتكلمهم{[53001]} ، تكلم المؤمن وتكلم الكافر .


[52915]:"تعالى" سقطت من ز.
[52916]:ز: وإذا.
[52917]:ز: على كفرهم.
[52918]:ز: ضلالته.
[52919]:انظر: المحتسب 2/144.
[52920]:"عاصم" سقطت من ز.
[52921]:هو طلحة بن مصرف بن كعب بن عمرو الهمذاني اليامي الكوفي أبو محمد: أقرأ أهل الكوفة في عصره، كان يسمى سيد القراء وهو من رجال الحديث الثقات. توفي رحمه الله تعالى سنة 112هـ. انظر: تهذيب التهذيب 5/25، وحلية الأولياء 5/14، والأعلام 3/332.
[52922]:ابن جرير20/13، والدر المنثور20/377.
[52923]:انظر المصدر السابق.
[52924]:من "وقال العذاب" سقط من ز وانظر: ابن جرير20/13.
[52925]:انظر: ابن جرير20/13.
[52926]:انظر المصدر السابق.
[52927]:ز: تكون.
[52928]:ز: بالمعروف.
[52929]:ز: ولا ينهوا عن المنكر.
[52930]:ز: قاله.
[52931]:انظر: ابن كثير 5/255، والدر 20/379 وما بعدها.
[52932]:ز: فيغشى وهو تصحيف.
[52933]:بعده في ز: صلى الله عليه وسلم.
[52934]:"بن مريم" سقط من ز.
[52935]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[52936]:من "والمؤمن....وجهه" ساقط من ز.
[52937]:ز: لحيت.
[52938]:ز: في طول.
[52939]:ز: ذراعا.
[52940]:ز: وفي.
[52941]:ز: كهيئة.
[52942]:ز: فرسه.
[52943]:ز: الفارسية.
[52944]:"ولأصحابه" سقطت من ز.
[52945]:انظر: معجم البلدان5/123.
[52946]:انظر: معجم البلدان 5/166.
[52947]:انظر: معجم البلدان 4/48.
[52948]:قال صاحب الضلال عند قوله تعالى: {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} وقد ورد ذكر خروج الدابة المذكورة هنا في أحاديث كثيرة بعضها صحيح، وليس في هذا الصحيح وصف للدابة، إنما جاء وصفها في روايات لم تبلغ حد الصحة، لذلك نضرب صفحا عن أوصافها. انظر: 20/2667.
[52949]:"هو" سقطت من ز.
[52950]:"تعالى" سقطت من ز.
[52951]:الأنعام آية 158.
[52952]:"الواو" من "وهو" سقطت من ز.
[52953]:"الواو" من وروي سقطت من ز.
[52954]:انظر: المرويات في ابن كثير 5/254، وما بعدها، وانظر: الدر20/379 وما بعدها.
[52955]:انظر: ابن كثير 5/254 وما بعدها.
[52956]:ز: تشرفيه.
[52957]:ز: الأرض.
[52958]:ز: فتكلمهم.
[52959]:بعده في ز: مفهوم.
[52960]:ز: بآياتنا.
[52961]:ز: يرا عالم.
[52962]:ز: ويجعل.
[52963]:ز: مقدم.
[52964]:بعده في ز: عليهم.
[52965]:"القول عليهم" سقط من ز.
[52966]:"عمل" سقطت من ز.
[52967]:ز: فخيرا.
[52968]:ز: ابن عمرو.
[52969]:ز: وتخرج.
[52970]:ابن جرير20/14.
[52971]:ز: أن.
[52972]:"أنه" سقط من ز.
[52973]:انظر: الجامع الصحيح 5/340. انظر: الجامع الصحيح 5/340 حديث 3187 تفسير، سنن ابن ماجة 2/1351-1352 حديث 466 باب دابة الأرض.
[52974]:ز: بين.
[52975]:ز: ابن.
[52976]:بعده في ز: صلوات الله عليه.
[52977]:ز: تبدوا.
[52978]:ز: ولن.
[52979]:"نكتة بيضاء" ساقطة من ع.
[52980]:ز: نكتت.
[52981]:كافرون.
[52982]:من "روى أبو هريرة..يا كافر" زيادة من ز سقطت من الأصل بطريق انتقال النظر.
[52983]:حذيفة بن حسل بن جابر العبسي، أبو عبد الله، واليمان لقب حسل: صحابي من الولاة الشجعان الفاتحين، كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين، لم يعلمهم أحد غيره. انظر: تهذيب التهذيب 2/219، وحلية الأولياء 1/270، والأعلام 2/180.
[52984]:ز: وابن عمرو.
[52985]:ابن جرير20/15، وانظر: الدر20/380.
[52986]:ز: وروى.
[52987]:"تعالى" سقطت من ز.
[52988]:ز: لم.
[52989]:ز: وروي عن.
[52990]:انظر: ابن جرير20/16، والدر 20/380، وسنن ابن ماجه كتاب "الفتن".
[52991]:ز: شعبة فتبين.
[52992]:بعده في ز: "في".
[52993]:ز: ورجلها.
[52994]:ز: ما خرجت.
[52995]:ز: ما هذه الصلاة.
[52996]:ز: حاجتكم.
[52997]:ز: فيسودها.
[52998]:ز: فيبض.
[52999]:انظر: الدر المنثور20/378.
[53000]:بعده في ز: أعلم.
[53001]:"وتكلمهم" سقطت من ز.