[ الآية 82 ] وقوله تعالى : { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض } قال بعضهم : { وإذا وقع القول عليهم } أي إذا وقعت الحجة عليهم ، ولزمت ، فكذبوها { أخرجنا لهم دابة من الأرض } . وقال بعضهم : { وإذا وقع القول عليهم } أي إذا وقت الحجة عليهم ، ولزمت ، فكذبوها { أخرجنا لهم دابة من الأرض } . وقال بعضهم : إذا وقعت السخطة والغضب عليهم أخرجنا لهم دابة . وقال قائلون : إذا وقع القول عليهم ، أي إذا بلغوا في الكفر حدا يعلم الله أنهم لا يؤمنون أبدا بعد ذلك أخرجنا لهم دابة .
لكن قد ذكرنا في غير موضع أن هذا ، لا يصح ، ولا يجوز ، لأن{[15141]} الله تعالى لم يزل عالما بما كان ، ويكون منهم أبدا الآبدين . فليس علمه بأحوالهم بما يكون منهم إذا بلغوا ذلك الحد ، بل لم يزل عالما بما يكون منهم .
وهذا الحرف الذي يقول القائل يومئ إلى أنه إنما يعلم ذلك منهم إذا بلغوا ذلك الحد ، وقبل ذلك لا . فهو قبيح .
وقول من قال : إذا وقعت الحجة عليهم فلا يحتمل أيضا ، لأن الحجة كانت قامت قبل ذلك الوقت . وليس تقوم الحجة عليهم في ذلك الوقت .
أحدهما : ما ذكرنا من وقوع العذاب ووجوب العقوبة والسخطة عليهم كقوله : { أولئك الذين حق عليهم القول } [ الأحقاف : 18 ] أي العذاب وجب عليهم .
والثاني : أي وإذا أتى وقت خروج الدابة التي وعدنا لهم أنها تخرج أخرجناها{[15142]} لهم في ذلك الوقت ، أي لا يتقدم خروجها عن الوقت الموعود ، ولا يتأخر ، كقوله : { ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [ الأعراف : 34 ] .
وهكذا كل شيء جعل الله لظهوره{[15143]} وكونه وقتا ، لا يتقدم ، ولا يتأخر ذلك الوقت . هذا ، والله أعلم ، يشبه أن يكون تأويل الآية .
وقوله تعالى : { تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } قراءة العامة بالتشديد { تكلمهم } من التكليم والتحديث{[15144]} ، وكذلك في بعض الحروف : تحدثهم وتنبئهم ، وقد قرئ : تكلمهم بالتخفيف{[15145]} ، وهو من الجراحة ، وهو ما ذكر في الأخبار والقصص أن الدابة إذا خرجت تجرح الكافر ، وتسمه بسمة وعلامة حتى يعرف الكافر من المؤمن ، فيقال : يا مؤمن ويا كافر . وسئل ابن عباس عن ذلك ، وقال : تكلم المؤمن ، وتحدثه ، وتجرح الكافر ، والله أعلم .
ثم اختلف في قوله : { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون }اختلف في تلاوته وتأويله .
[ قرأ بعضهم ]{[15146]} : { أن الناس } بنصب الألف ، و : إن الناس بكسرها . فمن قرأ بالنصب { أن الناسَ } جعل ذلك القول من الدابة ، ثم يخرج على وجهين :
أحدهما : تقول الدابة : إن الناس كانوا بي وبخروجي لما وعده لا يوقنون .
[ والثاني : أنها تخبر من الله ، وتنبئ ، أن الناس كانوا بالدابة وبغيرها من الآيات لا يوقنون ]{[15147]} .
ومن قرأ بالخفض{[15148]} : إن الناس . . . يجعل ذلك القول من الله ابتداء إخبار . إنهم كانوا ، لا يزالون لا يوقنون . وفي خروج الدابة أعظم آيات في إثبات رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبوته ، لأنه أخبر أنها تخرج في وقت كذا ، فتخرج على ما أخبر في ذلك الوقت على الوصف الذي وصف ، فيدلهم على صدقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.