الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ} (37)

أخرج أحمد عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « خير مساجد النساء قعر بيوتهن » .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي حميد الساعدي عن أبيه عن جدته أم حميد قالت : قلت يا رسول الله تمنعنا أزواجنا أن نصلي معك ، ونحب الصلاة معك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « صلاتكن في بيوتكن أفضل من صلاتكن في حجركن ، وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في الجماعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ما صلت امرأة قط صلاة أفضل من صلاة تصليها في بيتها ، إلا أن تصلي عند المسجد الحرام ؛ إلا عجوز في منقلبها يعني حقبها .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله في قوله تعالى { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله .

وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : كانوا رجالاً يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون ، فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا ما بأيديهم وقاموا إلى المسجد فصلوا .

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : أما والله ولقد كانوا تجاراً ، فلم تكن تجارتهم ولا بيعهم يلهيهم عن ذكر الله .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في الآية قال : ضرب الله هذا المثل قوله { مثل نوره كمشكاة } لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، وكانوا اتجر الناس وأبيعهم ، ولكن لم تكن تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : عن شهود الصلاة المكتوبة .

وأخرج الفريابي عن عطاء مثله .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر : أنه كان في السوق ، فأقيمت الصلاة ، فأغلقوا حوانيتهم ، ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر : فيهم نزلت { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود : أنه رأى ناساً من أهل السوق سمعوا الأذان ، فتركوا أمتعتهم ، وقاموا إلى الصلاة فقال : هؤلاء الذين قال الله { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } قال : هم في أسواقهم يبيعون ويشترون ، فإذا جاء وقت الصلاة لم يلههم البيع والشراء عن الصلاة { يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار } قال : تتقلب في الجوف ، ولا تقدر تخرج حتى تقع في الحنجرة ، فهو قوله { إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } [ غافر : 18 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله { يخافون يوماً } قال يوم القيامة .

وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد عن أبي الدرداء قال : أحب أن أبايع على هذا الدرج ، وأربح كل يوم ثلثمائة دينار ، وأشهد الصلاة في الجماعة ، أما أنا لا أزعم أن ذلك ليس بحلال ، ولكنني أحب أن أكون من الذين قال الله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } .

وأخرج هناد بن السري ، في الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان ، عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ؛ فيقوم مناد فينادي : أين الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء ؟ فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يعود فينادي أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ، فيعود فينادي أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يقوم سائر الناس فيحاسبون » .

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عقبة بن عامر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : « يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، فينادي مناد : سيعلم أهل الموقف لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ، ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ ثم يقول : أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ؟ إلى آخر الآية . ثم يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم » .

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :يقول الرب عز وجل " سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم فقيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله ؟ قال : أهل الذكر في المساجد " .

وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن الحسن قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم . أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون ؟ فيقومون فيتخطون رقاب الناس ، ثم ينادي مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم . أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ فيقومون فيتخطون رقاب الناس ، ثم ينادي أيضاً فيقول : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم . أين الحمادون لله على كل حال ؟ فيقومون وهم كثير . ثم تكون التبعة والحساب على من بقي .