{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكواة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .
وقرن في بيوتكن : اقررن في بيوتكن ولا تخرجن منها إلا لحاجة وهو من القرار في المكان بمعنى الثبوت فيه وفتح القاف في ( قرن ) قراءة حفص وقرأ الجمهور بكسرها ( وقرن ) وهو من الوقار .
ولا تبرجن : ولا تتزين وتخرجن متبخترات تبدين من محاسنكن ما يجب ستره .
الرجس : الذنب والدنس والرذائل .
أي الزمن القرار في بيوتكن ولا تخرجن منها إلا بسبب مشروع مثل : إقامة الصلاة في المسجد أو حضور العلم أو زيارة الوالدين أو المشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو المشاركة في كل ما أمر به الله ، وحثت عليه الشريعة مثل شهود الجمع والجماعات ، وشهود نعم الله تعالى في البر والبحر والنباتات والزراعة ، ما دام ذلك يتم في تمسك بالمظهر الحسن والاحتشام في الملبس وعدم إظهار المفاتن التي تحرك الشهوة في الرجال ، وقد كانت المرأة في الجاهلية ترسل خمارها على ظهرها وتبدي أقراطها ورقبتها وزينتها ودلالها بما يثير الإعجاب في نفوس الرجال فقال القرآن :
{ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى . . . }
أي لا تبدين محاسنكن التي أمر الله بسترها ، مثل كشف الرقبة أو الصدر أو الظهر أو التبخثر والتكسر من المرأة في مشيتها وصوتها لفتنة الرجال .
حافظن على إقامة الصلاة تامة الأركان في خشوع وخضوع ، لأن الصلاة وسيلة إلى طهارة النفس والبعد عن الرذائل وهي وسيلة للتحلي بالفضائل .
أخرجن الزكاة ففيها حق الفقير ، حتى لا يحس أنه ضائع ولا جائع وفيها حق لله تعالى الذي أعطانا المال وفيها حق للمجتمع الذي نعيش فيه ، ويربح منه التاجر ويكسب منه العامل ، والزكاة وسيلة من وسائل تماسك المجتمع وقوته .
وذلك يشمل كل طاعة لله ورسوله في التزام هدى الإسلام وأوامره وتجنب نواهيه .
{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .
إنما أراد الله سبحانه بتلك الأوامر والتوجيهات تطهير أمهات المؤمنين عن المعاصي والذنوب وتعمير قلوبهم بنور الإيمان ، وبذلك تكون الطاعة وسيلة عملية إلى تزكية النفس وطهارتها وعلو منزلتها وأهل البيت : كل من لازم النبي محمدا صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأقارب وتوجيه الأوامر لهم لأنهم قدوة .
روى الإمام أحمد والترمذي عن أنس بن مالك قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج على صلاة الفجر يقول : " الصلاة يا أهل البيت : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } . 32
وأهل البيت النبوي هم نساؤه صلى الله عليه وسلم ، وقرابته منهم العباس وأعمامه وبنو أعمامه منهم .
وقال الفخر الرازي في تفسير الآية :
والأولى أن يقال هم أولاده وأزواجه والحسن والحسين وعلى منهم لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بنت النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم .
وقال القرطبي والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم . 33
{ وقرن في بيوتكن } الزمنها ، فلا تخرجن لغير حاجة مشروعة . ومثلن في ذلك سائر نساء المسلمين .
والحكمة فيه : أن ينصرفن إلى رعاية شئون بيوتهن . وتوفير وسائل الحياة المنزلية التي هي من خصائصهن ولا يحسنها الرجال ، وإلى تربية الأولاد في عهد الطفولة وهي من شأنهن . وقد جرت السنة الإلهية بأن أمر الزوجين قسمة بينهما ؛ فللرجال أعمال من خصائصهم لا يحسنها النساء ، وللنساء أعمال من خصائصهن لا يحسنها الرجال ؛ فإذا تعدى فريق عمله اختل النظام في البيت والمعيشة . ومما يباح خروجهن لأجله : الحج ، والصلاة في المسجد ، وزيارة الوالدين ، وعيادة المريض ، وتعزية الأقارب ، والعلاج ونحو ذلك ؛ بشروطه التي منها التستر وعدم التبذل . و " قرن " وقرئ " قرن " بكسر القاف ؛ كلاهما من القرار بمعنى السكون يقال : قر بالمكان يقر – بالفتح والكسر – إذا أقام فيه وثبت .
والأمر من الأول قرن ، وأصله : اقررن – بفتح الراء الأولى – ومن الثاني قرن ، وأصله : اقررن – بكسر الراء الأولى . { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } أي إذا خرجتن لحاجة فيحرم أن تبدي إحداكن من زينتها ما أوجب الله عليها ستره ؛ كالشعر والعنق والصدر والذراعين والساقين ، مما شأنه أن يثير النظر إليه شهوة الرجال . ومن التبرج في بعض الروايات : المشية بتكسر وحركات مثيرة ؛ كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى . مأخوذ من البرج وهو سعة العين وحسنها . و " الأولى " بمعنى المقدمة . يقال لكل متقدم ومتقدمة : أول وأولى . أو هي بمثابة قولهم : الجاهلية الجهلاء .
{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } تعليل لما تقدم من الأوامر والنواهي . والرجس : الإثم والذنب ، والقذر والنقائض . والمراد هنا : ذهاب كل ذلك عنهم . و " آل " فيه للاستغراق ، ويحتمل أن تكون للجنس . { أهل البيت } هم نساؤه صلى الله عليه وسلم بقرينة السياق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.