وقوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ } معناه : ما تَعْبُدُونَ ، ثم وقفهم على السماوات ؛ هَلْ لهم فيها شِرْكٌ ، ثم استدعى منهم كتاباً مُنَزَّلاً قبل القرآن يتضمَّن عبادَةَ الأَصْنَامِ ، قال ابن العربيِّ في «أحكامه » : هذه الآية مِنْ أَشْرَفِ آية في القرآن ؛ فإنَّها استوفَتِ الدَّلالَةَ على الشرائع عَقْلِيِّهَا وسَمْعِيِّها ؛ لقوله عزَّ وجلَّ : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السماوات } فهذا بيانٌ لأدِلَّة العَقْلِ المتعلِّقة بالتوحيدِ ، وحُدُوثِ العالم ، وانفراد البارِي تعالى بالقدرة والعِلْمِ والوجُودِ والخَلْقِ ، ثم قال : { ائتوني بكتاب مِّن قَبْلِ هذا } : على ما تقولون ، وهذا بيان لأدلَّة السَّمْعِ ؛ فَإنَّ مدرك الحق إنما يكون بدليل العقل أو بدليل الشرع ، حسبما بَيَّنَّاهُ من مراتب الأدِلَّة في كتب الأصول ، ثم قال : { أَوْ أثرة مِّنْ عِلْمٍ } يعني : أو عِلْمٍ يؤْثَرُ ، أي : يروى ويُنْقَلُ ، وإنْ لم يكن مكتوباً ، انتهى .
وقوله : { أَوْ أثارة } معناه : أو بَقِيَّةٍ قديمةٍ من عِلْمِ أحد العلماءِ ، تقتضي عبادة الأصنام ، والأثارة البَقِيَّةُ من الشيء ، وقال الحسنُ : المعنى : من عِلْمٍ تستَخْرِجُونَهُ فتثيرونه ، وقال مجاهدٌ : المعنى : هل مِنْ أَحَدٍ يأثر علماً في ذلك ، وقال القرطبيُّ : هو الإسناد ؛ ومنه قول الأعشى :
إنَّ الَّذِي فِيهِ تَمَارَيْتُمَا *** بُيِّنَ لِلسَّامِعِ وَالآثِرِ
أي : وللمُسْنِدِ عن غيره ، وقال ابن عباس : الأثارة : الخَطُّ في التراب ، وذلك شيْءٌ كانَتِ العَرَبُ تفعله ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.