إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } لا تطمَحْ ببصرك طُموحَ راغب ولا تُدِمْ نظرك { إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ } من زخارفِ الدنيا وزينتها ومحاسنِها وزَهْرتِها { أزواجا مّنْهُمْ } أصنافاً من الكفرة فإن ما في الدنيا من أصناف الأموالِ والذخائر بالنسبة إلى ما أوتيتَه مستحقَرٌ لا يُعبأ به أصلاً ، وفي حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه : « مَنْ أوتيَ القرآنَ فرأى أن أحداً أوتيَ أفضل مما أوتي فقد صغّر عظيماً وعظّم صغيراً » وروي ( أنه وافَتْ من بصري و أذْرِعاتَ سبعُ قوافلَ ليهود بني قُريظةَ والنّضِير فيها أنواعُ البَزِّ والطيب والجواهر وسائرُ الأمتعة فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموالُ لنا لتقوَّيْنا بها و أنفقناها في سبيل الله ، فقيل لهم : قد أُعطِيتم سبعَ آياتٍ وهي خير من هذه القوافل السبْع ) { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } حيث لم يؤمنوا ولم ينتظِموا أتباعك في سلك ليتقوى بهم ضعفاءُ المسلمين ، وقيل : أو أنهم المتمتعون به ويأباه كلمة على فإن تمتّعهم به لا يكون مداراً للحزن عليهم { واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي تواضَعْ لهم و ارفُق بهم وألِنْ جانبك لهم وطِبْ نفساً من إيمان الأغنياء .