غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

51

وقال في الكشاف : معنى { لا تمدن } لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمن له { إلى ما متعنا به أزواجاً منهم } أي أصنافاً من الكفار قاله ابن قتيبة . وقال الجوهري : الأزواج القرناء . وقال بعضهم : لا تمدن عينيك أي لا تحسدنّ أحداً على ما أوتي من الدنيا . وضعف بأن الحسد منهي عنه مطلقاً فكيف يحسن تخصيص الرسول به ؟ ويمكن أن يجاب بأن المراد منه نهي التكوين كقوله : { ولا تكونن من المشركين }

[ الأنعام : 14 ] أو المراد الغبطة فهي محظورة عليه صلى الله عليه وسلم لجلالة منصبه وإن كانت جائزة لأمته . ويروى أنه وافت من بلاد الشام سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير فيها أنواع البز والطيب والجوهر ، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوّينا بها ولأنفقناها في سبيل الله . فقال لهم الله عز وجل : لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع . وإنما قال في هذه السورة { لا تمدن } بغير واو العطف لأنه لم يسبقه طلب بخلاف ما في سورة طه . ثم لما نهاه عن الالتفات إلى أموالهم وأمتعتهم نهاه عن الالتفات إليهم أنفسهم وإن لم يحصل لهم في قلبه قدر ووزن فقال : { ولا تحزن عليهم } أي على أنهم لم يؤمنوا فيتقوى بمكانهم الإسلام وينتعش بهم المؤمنون ، وكما أمره بالتكبر على الأغنياء والترفع عنهم إذا كانوا كفاراً أمره بالتواضع للفقراء ، إذا كانوا مؤمنين فقال : { واخفض جناحك للمؤمنين } الخفض نقيض الرفع ، وجناحا الإنسان يداه ، وخفضهما كناية عن اللين والرفق . وإنما قال في سورة الشعراء بزيادة{ لمن اتبعك } [ الآية : 215 ] لأنه قال قبله { وأنذر عشيرتك الأقربين } [ الآية : 214 ] فلو لم يذكر هذه الزيادة لكان الظاهر أن اللام للعهد فصار الأمر بخفض الجناح مختصاً بالأقربين من عشيرته فزيد { لمن اتبعك } [ الشعراء : 215 ] ليعلم أن هذا التشريف شامل لجميع متبعيه من الأمة .

/خ99