الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

ثم قال تعالى : { لا تمدن عينك إلى ما متعنا به أزواجا منهم } [ 88 ] .

معناه/استعن بما آتاك الله من القرآن عما في أيدي الناس . ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يتغن بالقرآن{[38304]} " أي : يستغني به عن المال . وعلى هذا تأول الحديث سفيان بن عيينة ، وتأول الآية{[38305]} . وروى : من حفظ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا{[38306]} .

فالمعنى : لا تتمنين ما جعلنا من زينة الدنيا متاعا للأغنياء من قومك المشركين { ولا تحزن عليهم } . أي : على ما متعوا به من ذلك . فعجل{[38307]} لهم في الدنيا فإن لك{[38308]} في الآخرة مما{[38309]} هو خير لك من ذلك{[38310]} .

ومعنى : { أزواجا منهم } أمثالا منهم ، يعني : الأغنياء منهم{[38311]} . والأزواج في اللغة : الأصناف{[38312]} .

{ واخفض جناحك للمومنين } [ 88 ] .

أي : ألن جانبك لمن آمن بل وقربهم من نفسك{[38313]} . والجناحان من ابن آدم جنبناه ، والجناحان الناحيتان{[38314]} ، ومنه قول الله تعالى { واضمم يدك إلى جناحك }{[38315]} .

وقيل : معناه : إلى ناحيتك وجنبك{[38316]} .


[38304]:هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، عن أبي هريرة، كتاب التوحيد، رقم 7527 وأبو داود في السنن، عن سعيد بن أبي سعيد، رقم 1469.
[38305]:انظر: قوله في جامع 14/60 وتفسير ابن كثير 2/864 وفيه "تفسير صحيح ولكن ليس هو المقصود من الحديث".
[38306]:أخرج هذا الأثر عن ابن عيينة بن جرير في جامع البيان 14/60، وانظر: أيضا الكشاف 2/398.
[38307]:"ق": فجعل.
[38308]:"ط": ذلك
[38309]:"ط": ما.
[38310]:وهو قول ابن جرير. انظر: جامع البيان 14/60.
[38311]:وهو قول مجاهد. انظر: تفسير مجاهد 418 وجامع البيان 14/61.
[38312]:انظر: هذا القول في غريب القرآن 239 والقاموس (زوج). واللسان (زوج).
[38313]:وهو قول الزجاج. انظر: معاني الزجاج 3/186 وإعراب النحاس 2/389.
[38314]:انظر: اللسان (جنح).
[38315]:طه: 22.
[38316]:وهو تفسير ابن جرير. انظر جامع البيان 14/61.